قَرِينَةٌ تَقْتَضِي ذَلِكَ، لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى تَأْكُلَ مَا نَوَى تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِهِ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى النِّيَّةِ.
[فَصْلٌ قَالَ إنْ دَخَلَ الدَّارَ رَجُلٌ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ]
(٥٩٤٣) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: إنْ دَخَلَ الدَّارَ رَجُلٌ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ، وَإِنْ دَخَلَهَا طَوِيلٌ فَعَبْدَانِ حُرَّانِ، وَإِنْ دَخَلَهَا أَسْوَدُ فَثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ أَحْرَارٌ، وَإِنْ دَخَلَهَا فَقِيهٌ فَأَرْبَعَةُ أَعْبُدٍ أَحْرَارٌ. فَدَخَلَهَا فَقِيهٌ طَوِيلٌ أَسْوَدُ، عَتَقَ مِنْ عَبِيدِهِ عَشَرَةٌ. وَإِنْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَقَالَ: إنْ طَلَّقْت امْرَأَةً مِنْكُنَّ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ، وَإِنْ طَلَّقْت اثْنَتَيْنِ فَعَبْدَانِ حُرَّانِ، وَإِنْ طَلَّقْت ثَلَاثَةً، فَثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ أَحْرَارٌ، وَإِنْ طَلَّقْت أَرْبَعًا، فَأَرْبَعَةُ أَعْبُدٍ أَحْرَارٌ، ثُمَّ طَلَّقَ الْأَرْبَعَ مُجْتَمِعَاتٍ أَوْ مُتَفَرِّقَاتٍ عَتَقَ مِنْ عَبِيدِهِ عَشَرَةٌ؛ بِالْوَاحِدَةِ وَاحِدٌ، وَبِالِاثْنَتَيْنِ اثْنَانِ، وَبِالثَّلَاثِ ثَلَاثَةٌ، وَبِالْأَرْبَعِ أَرْبَعَةٌ؛ لِاجْتِمَاعِ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْأَرْبَعِ فِيهِنَّ. وَلَوْ عَلَّقَ ذَلِكَ بِلَفْظَةِ " كُلَّمَا "، فَقَدْ قِيلَ: يَعْتِقُ عَشَرَةٌ أَيْضًا.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَعْتِقُ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا؛ لِأَنَّ فِيهِنَّ أَرْبَعَ صِفَاتٍ، هُنَّ أَرْبَعٌ، فَيَعْتِقُ أَرْبَعَةٌ، وَهُنَّ أَرْبَعَةُ آحَادٍ، فَيَعْتِقُ بِذَلِكَ أَرْبَعَةٌ، وَهُنَّ اثْنَتَانِ وَاثْنَتَانِ، فَيَعْتِقُ بِذَلِكَ أَرْبَعَةٌ، وَفِيهِنَّ ثَلَاثٌ، فَيَعْتِقُ بِهِنَّ ثَلَاثَةٌ. وَإِنْ شِئْت قُلْت: يَعْتِقُ بِالْوَاحِدَةِ وَاحِدٌ، وَبِالثَّانِيَةِ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا صِفَتَيْنِ هِيَ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ مَعَ الْأُولَى اثْنَتَانِ، وَيَعْتِقُ بِالثَّالِثَةِ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ، وَهِيَ مَعَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ثَلَاثٌ، وَيَعْتِقُ بِالرَّابِعَةِ سَبْعَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا ثَلَاثَ صِفَاتٍ، هِيَ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ مَعَ الثَّالِثَةِ اثْنَتَانِ، وَهِيَ مَعَ الثَّلَاثِ الَّتِي قَبْلَهَا أَرْبَعٌ. وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ قَائِلَهُ لَا يَعْتَبِرُ صِفَةَ طَلَاقِ الْوَاحِدَةِ فِي غَيْرِ الْأُولَى، وَلَا صِفَةَ التَّثْنِيَةِ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ، وَلَفْظُ " كُلَّمَا " يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، فَيَجِبُ تَكْرَارُ الطَّلَاقِ بِتَكْرَارِ الصِّفَاتِ. وَقِيلَ: يَعْتِقُ سَبْعَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ صِفَةَ التَّثْنِيَةِ قَدْ وُجِدَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّهَا تُوجَدُ بِضَمِّ الثَّانِيَةِ إلَى الثَّالِثَةِ. وَقِيلَ: يَعْتِقُ عِشْرُونَ.
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الثَّلَاثِ وُجِدَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً بِضَمِّ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ إلَى الرَّابِعَةِ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُمَا عَدُّوا الثَّانِيَةَ مَعَ الْأُولَى فِي صِفَةِ التَّثْنِيَةِ مَرَّةً، ثُمَّ عَدُّوهَا مَعَ الثَّالِثَةِ مَرَّةً أُخْرَى، وَعَدُّوا الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي صِفَةِ التَّثْلِيثِ مَرَّتَيْنِ، مَرَّةً مَعَ الْأُولَى، وَمَرَّةً مَعَ الرَّابِعَةِ، وَمَا عُدَّ فِي صِفَةٍ مَرَّةً، لَا يَجُوزُ عَدُّهُ فِي تِلْكَ الصِّفَةِ مَرَّةً أُخْرَى. وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَكَلْتِ نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً، لَمْ تَطْلُقْ إلَّا اثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الرُّمَّانَةَ نِصْفَانِ. وَلَا يُقَالُ: إنَّهَا تَطْلُقُ ثَالِثَةً، بِأَنْ يُضَمَّ الرُّبْعُ الثَّانِي إلَى الرُّبْعِ الثَّالِثِ فَيَصِيرَانِ نِصْفًا ثَالِثًا، وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا، لَمْ تُضَمَّ الْأُولَى إلَى الرَّابِعَةِ، فَيَصِيرَانِ اثْنَتَيْنِ.
وَعَلَى سِيَاقِ هَذَا الْقَوْلِ، يَنْبَغِي أَنْ يَعْتِقَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ؛ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ، وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ، وَثَمَانِيَةٌ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَعَ مَا قَبْلَهَا ثَلَاثَةٌ، وَهِيَ مَعَ ضَمِّهَا إلَى الْأُولَى اثْنَتَانِ، وَمَعَ ضَمِّهَا إلَى الثَّانِيَةِ اثْنَتَانِ، فَفِيهَا صِفَةُ التَّثْنِيَةِ مَرَّتَانِ، وَيَعْتِقَ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ عِشْرُونَ؛ لِأَنَّ فِيهَا ثَمَانِي صِفَاتٍ، هِيَ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ مَعَ مَا قَبْلَهَا أَرْبَعٌ، وَفِيهَا صِفَةُ التَّثْلِيثِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، هِيَ مَعَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ثَلَاثٌ، وَمَعَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ثَلَاثٌ، وَمَعَ الْأُولَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute