[فَصْل يُكَفِّن الصَّبِيّ فِي خِرْقَة]
(١٥٢٣) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: يُكَفَّنُ الصَّبِيُّ فِي خِرْقَةٍ، وَإِنْ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةٍ فَلَا بَأْسَ. وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وَنَحْوُهُ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَغَيْرُهُمْ. لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ ثَوْبًا يُجْزِئُهُ، وَإِنْ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةٍ فَلَا بَأْسَ، لِأَنَّهُ ذَكَرٌ فَأَشْبَهَ الرَّجُلَ.
[فَصْلٌ لَمْ يُوجَد ثَوْبًا يَسْتُر جَمِيع الْمَيِّت]
(١٥٢٤) فَصْلٌ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الرَّجُلُ ثَوْبًا يَسْتُرُ جَمِيعَهُ، سَتَرَ رَأْسَهُ، وَجَعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ حَشِيشًا أَوْ وَرَقًا، كَمَا رُوِيَ عَنْ خَبَّابٍ، «أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ يُكَفَّنُ فِيهِ، إلَّا نَمِرَةً. فَكُنَّا إذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ الْإِذْخِرِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ سَتَرَهَا؛ لِأَنَّهَا أَهَمُّ فِي السَّتْرِ، بِدَلِيلِ حَالَةِ الْحَيَاةِ. فَإِنْ كَثُرَ الْقَتْلَى، وَقَلَّتْ الْأَكْفَانُ، كُفِّنَ الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، كَمَا صُنِعَ بِقَتْلَى أُحُدٍ. قَالَ أَنَسٌ: كَثُرَتْ قَتْلَى أُحُدٍ، وَقَلَّتْ الثِّيَابُ. قَالَ: فَكُفِّنَ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، ثُمَّ يُدْفَنُونَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
[مَسْأَلَةٌ يَتْبَع مَغَابِن الْمَيِّت وَمَرَافِقه بِالْمِسْكِ]
(١٥٢٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيَجْعَلُ الذَّرِيرَةَ فِي مَفَاصِلِهِ، وَيَجْعَلُ الطِّيبَ فِي مَوَاضِعِ السُّجُودِ وَالْمَغَابِنِ، وَيُفْعَلُ بِهِ كَمَا يُفْعَلُ بِالْعَرُوسِ) الذَّرِيرَةُ هِيَ الطِّيبُ الْمَسْحُوقُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجْعَلَ فِي مَفَاصِلِ الْمَيِّتِ وَمَغَابِنِهِ، وَهِيَ الْمَوَاضِعُ الَّتِي تَنْثَنِي مِنْ الْإِنْسَانِ، كَطَيِّ الرُّكْبَتَيْنِ، وَتَحْتَ الْإِبْطَيْنِ، وَأُصُولِ الْفَخِذَيْنِ؛ لِأَنَّهَا مَوَاضِعُ الْوَسَخِ، وَيَتْبَعُ بِإِزَالَةِ الْوَسَخِ وَالدَّرَنِ مِنْهَا مِنْ الْحَيِّ، وَيَتْبَعُ بِالطِّيبِ مِنْ الْمِسْكِ وَالْكَافُورِ مَوَاضِعَ السُّجُودِ؛ لِأَنَّهَا أَعْضَاءٌ شَرِيفَةٌ، وَيُفْعَلُ بِهِ كَمَا يُفْعَلُ بِالْعَرُوسِ؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اصْنَعُوا بِمَوْتَاكُمْ كَمَا تَصْنَعُونَ بِعَرَائِسِكُمْ» . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتْبَع مَغَابِنَ الْمَيِّتِ وَمَرَافِقَهُ بِالْمِسْكِ.
قَالَ أَحْمَدُ يُخْلَطُ الْكَافُورُ بِالذَّرِيرَةِ. وَقِيلَ لَهُ: يُذَرُّ الْمِسْكُ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ يُطْلَى بِهِ؟ قَالَ: لَا يُبَالِي، قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ ذَرَّ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ مَسَحَهُ بِالْمِسْكِ مَسْحًا، وَابْنُ سِيرِينَ طَلَى إنْسَانًا بِالْمِسْكِ مِنْ قَرْنِهِ إلَى قَدَمِهِ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: يُوضَعُ الْحَنُوطُ عَلَى أَعْظُمِ السُّجُودِ، الْجَبْهَةِ، وَالرَّاحَتَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَصُدُورِ الْقَدَمَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute