مَعَ عَدَمِ ذَلِكَ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَلَفِهَا، أَوْ بِأَجْرٍ مُسَمًّى وَعَلَفَهَا، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَلَا عُرْفَ لَهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِجَوَازِهِ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ مَوْصُوفًا، فَيَجُوزُ.
[فَصْلٌ اسْتَغْنَى الْأَجِيرُ عَنْ طَعَامِ الْمُؤَجَّر بِطَعَامِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ]
(٤٢٣٤) فَصْلٌ: وَإِنْ اسْتَغْنَى الْأَجِيرُ عَنْ طَعَامِ الْمُؤَجِّرِ بِطَعَامِ نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ عَجَزَ عَنْ الْأَكْلِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهُ، وَكَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ، فَلَا تَسْقُطُ بِالْغِنَى عَنْهُ، كَالدِّرْهَمِ. وَإِنْ احْتَاجَ لِدَوَاءٍ لِمَرَضِهِ، لَمْ يَلْزَمْ الْمُسْتَأْجِرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرُطْ لَهُ الْإِطْعَامَ إلَّا صَحِيحًا، لَكِنْ يَلْزَمُهُ لَهُ بِقَدْرِ طَعَامِ الصَّحِيحِ يَشْتَرِي لَهُ الْأَجِيرُ مَا يَصْلُحُ لَهُ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى طَعَامِ الصَّحِيحِ لَمْ يَقَعْ الْعَقْدُ عَلَيْهِ، فَلَا يُلْزَمُ بِهِ، كَالزَّائِدِ فِي الْقَدْرِ.
[فَصْلٌ دَفَعَ إلَيْهِ طَعَامَهُ فَأَحَبَّ الْأَجِيرُ أَنْ يَسْتَفْضِلَ بَعْضَهُ لِنَفْسِهِ]
(٤٢٣٥) فَصْلٌ: إذَا دَفَعَ إلَيْهِ طَعَامَهُ، فَأَحَبَّ الْأَجِيرُ أَنْ يَسْتَفْضِلَ بَعْضَهُ لِنَفْسِهِ، نَظَرْت فَإِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ دَفَعَ إلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ، لِيَأْكُلَ قَدْرَ حَاجَتِهِ، وَيَفْضُلَ الْبَاقِي، أَوْ كَانَ فِي تَرْكِهِ لِأَكْلِهِ كُلِّهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، بِأَنْ يَضْعُفَ عَنْ الْعَمَلِ، أَوْ يَقِلَّ لَبَنُ الظِّئْرِ، مُنِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَمْ يُمَلِّكْهُ إيَّاهُ، وَإِنَّمَا أَبَاحَهُ أَكْلَ قَدْرِ حَاجَتِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ ضَرَرٌ بِتَفْوِيتِ بَعْضِ مَالِهِ مِنْ مَنْفَعَتِهِ، فَمُنِعَ مِنْهُ، كَالْجَمَّالِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ عَلْفِ الْجِمَالِ. وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ قَدْرَ الْوَاجِبِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَكْثَرَ، وَمَلَّكَهُ إيَّاهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي تَفْضِيلِهِ لِبَعْضِهِ ضَرَرٌ بِالْمُؤَجَّرِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُؤَجَّرِ فِيهِ، فَأَشْبَهَ الدَّرَاهِمَ.
[فَصْلٌ قَدَّمَ إلَيَّ الْأَجِير طَعَامًا فَنُهِبَ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ أَكْلِهِ]
(٤٢٣٦) فَصْلٌ: وَإِنْ قَدَّمَ إلَيْهِ طَعَامًا، فَنُهِبَ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ أَكْلِهِ، نَظَرْت؛ فَإِنْ كَانَ عَلَى مَائِدَةٍ لَا يَخُصُّهُ فِيهَا بِطَعَامِهِ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ، فَكَانَ تَلَفُهُ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ خَصَّهُ بِذَلِكَ، وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهُ تَسْلِيمُ عِوَضٍ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ، أَشْبَهَ الْبَيْعَ.
[فَصْلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبًا وَقَالَ بِعْهُ بِكَذَا فَمَا ازْدَدْت فَهُوَ لَك]
فَصْلٌ: إذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبًا، وَقَالَ: بِعْهُ بِكَذَا، فَمَا ازْدَدْت فَهُوَ لَك. صَحَّ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَإِسْحَاقُ. وَكَرِهَهُ النَّخَعِيُّ، وَحَمَّادٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّهُ أَجْرٌ مَجْهُولٌ، يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ. وَلَنَا مَا رَوَى عَطَاءٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الثَّوْبَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَيَقُولَ: بِعْهُ بِكَذَا وَكَذَا، فَمَا ازْدَدْت فَهُوَ لَك
وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي عَصْرِهِ مُخَالِفٌ. وَلِأَنَّهَا عَيْنٌ تُنَمَّى بِالْعَمَلِ فِيهَا، أَشْبَهَ دَفْعَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute