[فَصْلٌ قَالَ: إنْ مَلَكْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ يَنْوِي الْعِتْقَ عَنْ كَفَّارَتِهِ]
(٨٠٤٣) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: إنْ مَلَكْت فُلَانًا، فَهُوَ حُرٌّ. وَقُلْنَا: يَصِحُّ هَذَا التَّعْلِيقُ. فَاشْتَرَاهُ يَنْوِي الْعِتْقَ عَنْ كَفَّارَتِهِ، عَتَقَ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَيُخَرَّجُ فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ مِثْلُ مَا فِي شِرَاءِ قَرِيبِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ وَلَا تُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ أُمُّ وَلَدٍ]
(٨٠٤٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا تُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ أُمُّ وَلَدٍ) هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهَا تُجْزِئُ. وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ، وَطَاوُسٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] . وَمُعْتِقُهَا قَدْ حَرَّرَهَا.
وَلَنَا، أَنَّ عِتْقَهَا يُسْتَحَقُّ بِسَبَبٍ آخَرَ، فَلَمْ يُجْزِئْ عَنْهُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى قَرِيبَهُ، أَوْ عَبْدًا بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَأَعْتَقَهُ، وَكَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ أُدْخِلْت الدَّارَ. ثُمَّ نَوَى عِتْقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ. وَالْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَنَقِيسُ عَلَيْهِ مَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ. (٨٠٤٥) فَصْلٌ: وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ الَّذِي وَلَدَتْهُ بَعْدَ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ، حُكْمُهُ حُكْمُهَا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُهَا فِي الْعِتْقِ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا.
[مَسْأَلَةٌ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ فَأَجْزَأَ عِتْقُهُ كَالْمُدَبَّرِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ]
(٨٠٤٦) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَا مُكَاتَبٌ قَدْ أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْئًا) رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي الْمُكَاتَبِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ؛ إحْدَاهُنَّ، يُجْزِئُ مُطْلَقًا. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ، فَأَجْزَأَ عِتْقُهُ، كَالْمُدَبَّرِ، وَلِأَنَّهُ رَقَبَةٌ، فَدَخَلَ فِي مُطْلَقِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] . وَالثَّانِيَةُ، لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ كِتَابَتِهِ، فَأَشْبَهَ أُمَّ الْوَلَدِ. وَالثَّالِثَةُ، إنْ أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْئًا لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِلَّا أَجْزَأَهُ.
وَبِهَذَا قَالَ اللَّيْثُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ الْقَاضِي: هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَدَّى شَيْئًا فَقَدْ حَصَلَ الْعِوَضُ عَنْ بَعْضِهِ، فَلَمْ يُجْزِئْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute