[فَصْلٌ وَإِذَا وَجَدَ رَجُلًا يَزْنِي بِامْرَأَتِهِ فَقَتَلَهُ]
(٧٣٨٦) وَإِذَا وَجَدَ رَجُلًا يَزْنِي بِامْرَأَتِهِ فَقَتَلَهُ، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَلَا دِيَةَ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَيْنَمَا هُوَ يَتَغَدَّى يَوْمًا، إذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ يَعْدُو، وَمَعَهُ سَيْفٌ مُجَرَّدٌ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ، فَجَاءَ حَتَّى قَعَدَ مَعَ عُمَرَ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ، وَأَقْبَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ النَّاسِ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنَّ هَذَا قَتَلَ صَاحِبَنَا مَعَ امْرَأَتِهِ. فَقَالَ عُمَرُ: مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: ضَرَبَ الْآخَرُ فَخِذَيْ امْرَأَتِهِ بِالسَّيْفِ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ فَقَدْ قَتَلَهُ. فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ: مَا يَقُولُ؟ قَالُوا ضَرَبَ بِسَيْفِهِ، فَقَطَعَ فَخِذَيْ امْرَأَتِهِ، فَأَصَابَ وَسَطَ الرَّجُلِ، فَقَطَعَهُ بِاثْنَيْنِ. فَقَالَ عُمَرُ: إنْ عَادُوا فَعُدْ. رَوَاهُ هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إبْرَاهِيمَ. أَخْرَجَهُ سَعِيدٌ. وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُطَاوِعَةً، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ. وَإِذَا قَتَلَ رَجُلًا، وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ، فَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ بَيْتَهُ، فَإِذَا مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلٌ، فَقَتَلَهَا وَقَتَلَهُ. قَالَ عَلِيٌّ: إنْ جَاءَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ، وَإِلَّا فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ. وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيه، فَلَا يَسْقُطُ حُكْمُ الْقَتْلِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى.
وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي الْبَيِّنَةِ، فَرُوِيَ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ شُهَدَاءَ؛ لِخَبَرِ عَلِيٍّ، وَلِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، «أَنَّ سَعْدًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْت إنْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا، أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَعَمْ» .
وَرُوِيَ أَنَّهُ يَكْفِي شَاهِدَانِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تَشْهَدُ عَلَى وُجُودِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَهَذَا يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى الْأَرْبَعَةِ الزِّنَى، وَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الزِّنَى.
فَإِنْ قِيلَ: فَحَدِيثُ عُمَرَ فِي الَّذِي وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا لَيْسَ فِيهِ بَيِّنَةٌ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَرَجَ غَازِيًا، وَأَوْصَى بِأَهْلِهِ رَجُلًا، فَبَلَغَ الرَّجُلَ أَنَّ يَهُودِيًّا يَخْتَلِفُ إلَى امْرَأَتِهِ، فَكَمَنَ لَهُ حَتَّى جَاءَ، فَجَعَلَ يُنْشِدُ:
وَأَشْعَثَ غَرَّهُ الْإِسْلَامُ مِنِّي ... خَلَوْت بِعِرْسِهِ لَيْلَ التَّمَامِ
أَبِيتُ عَلَى تَرَائِبِهَا وَيُضْحِي ... عَلَى جَرْدَاءَ لَاحِقَةِ الْحِزَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute