أَوْ لَبِسَ ثَوْبًا لَهَا غَيْرَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ الثَّوْبُ، فَتَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِهِ، أَوْ بِمَا حَصَلَ بِهِ، وَلَمْ يَتَعَدَّ إلَى غَيْرِهِ؛ لِاخْتِصَاصِ الْيَمِينِ وَالسَّبَبِ بِهِ.
[فَصْلٌ وَإِنْ امْتَنَّتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ بِثَوْبٍ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَهُ قَطْعًا لِمِنَّتِهَا فَاشْتَرَاهُ غَيْرُهَا ثُمَّ كَسَاهُ إيَّاهُ]
(٨١٠٤) فَصْلٌ: وَإِنْ امْتَنَّتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ بِثَوْبٍ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَهُ، قَطْعًا لِمِنَّتِهَا، فَاشْتَرَاهُ غَيْرُهَا ثُمَّ، كَسَاهُ إيَّاهُ، أَوْ اشْتَرَاهُ الْحَالِفُ، وَلَبِسَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا مِنَّةَ لَهَا فِيهِ، فَهَلْ يَحْنَثُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، يَحْنَثُ لِمُخَالَفَتِهِ لِيَمِينِهِ، وَلِأَنَّ لَفْظَ الشَّارِعِ إذَا كَانَ أَعَمَّ مِنْ السَّبَبِ، وَجَبَ الْأَخْذُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ دُونَ خُصُوصِ السَّبَبِ كَذَا فِي الْيَمِينِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ خَاصَمَتْهُ امْرَأَةٌ لَهُ، فَقَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ. طُلِّقْنَ كُلُّهُنَّ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُ الطَّلَاقِ وَاحِدَةً، كَذَا هَاهُنَا.
وَالثَّانِي، لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ اقْتَضَى تَقْيِيدَ لَفْظِهِ بِمَا وُجِدَ فِيهِ السَّبَبُ فَصَارَ كَالْمَنْوِيِّ، أَوْ كَمَا لَوْ خَصَّصَهُ بِقَرِينَةٍ لَفْظِيَّةٍ.
[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْوِيَ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَارٍ فَأَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا]
(٨١٠٥) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْوِيَ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَارٍ، فَأَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا، حَنِثَ، إذَا كَانَ أَرَادَ، بِيَمِينِهِ جَفَاءَ زَوْجَتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلدَّارِ سَبَبٌ هَيَّجَ يَمِينَهُ) وَهَذِهِ أَيْضًا مِنْ فُرُوعِ اعْتِبَارِ النِّيَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى قَصَدَ جَفَاءَهَا بِتَرْكِ الْأَوْيِ مَعَهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلدَّارِ أَثَرٌ فِي يَمِينِهِ، كَانَ ذِكْرُ الدَّارِ كَعَدَمِهِ، وَكَأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى أَلَّا يَأْوِيَ مَعَهَا، فَإِذَا أَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا، فَقَدْ أَوَى مَعَهَا، فَحَنِثَ؛ لِمُخَالَفَتِهِ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، وَصَارَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ سُؤَالِ الْأَعْرَابِيِّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَاقَعْت أَهْلِي فِي نَهَارِ رَمَضَانَ. فَقَالَ: " أَعْتِقْ رَقَبَةً ". لَمَّا كَانَ ذِكْرُ أَهْلِهِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ، حَذَفْنَاهُ مِنْ السَّبَبِ، وَصَارَ السَّبَبُ الْوِقَاعَ، سَوَاءٌ كَانَ لِأَهْلٍ أَوْ لِغَيْرِهِمْ.
وَإِنْ كَانَ لِلدَّارِ أَثَرٌ فِي يَمِينِهِ، مِثْلَ أَنْ كَانَ يَكْرَهُ سُكْنَاهَا، أَوْ خُوصِمَ مِنْ أَجْلِهَا، أَوْ اُمْتُنَّ عَلَيْهِ بِهَا، لَمْ يَحْنَثْ إذَا أَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِيَمِينِهِ الْجَفَاءَ فِي الدَّارِ بِعَيْنِهَا، فَلَمْ يُخَالِفْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. وَإِنْ عَدِمَ السَّبَبَ وَالنِّيَّةَ، لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِفِعْلِ مَا تَنَاوَلَهُ لَفْظُهُ، وَهُوَ الْأَوْيُ مَعَهَا فِي تِلْكَ الدَّارِ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ اتِّبَاعُ لَفْظِهِ، إذَا لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ يَصْرِفُ اللَّفْظَ عَنْ مُقْتَضَاهُ، أَوْ يَقْتَضِي زِيَادَةً عَلَيْهِ، وَمَعْنَى الْأَوْيِ الدُّخُولُ، فَمَتَى حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَهَا، فَدَخَلَ مَعَهَا الدَّارَ حَنِثَ، قَلِيلًا كَانَ لُبْثُهُمَا أَوْ كَثِيرًا، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - مُخْبِرًا عَنْ فَتَى مُوسَى: {إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} [الكهف: ٦٣] .
قَالَ أَحْمَدُ: مَا كَانَ ذَلِكَ إلَّا سَاعَةً، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute