أَتَى إلَى الْأُخْرَى، أَوْ تَرَى ذَلِكَ، فَإِنْ رَضِيَتَا بِذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، فَلَهُمَا الْمُسَامَحَةُ بِتَرْكِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ رَضِيَتَا بِنَوْمِهِ بَيْنَهُمَا فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ رَضِيَتَا بِأَنْ يُجَامِعَ وَاحِدَةً بِحَيْثُ تَرَاهُ الْأُخْرَى، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ فِيهِ دَنَاءَةً وَسُخْفًا وَسُقُوطَ مُرُوءَةٍ، فَلَمْ يُبَحْ بِرِضَاهُمَا. وَإِنْ أَسْكَنَهُمَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، كُلَّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتٍ، جَازَ، إذَا كَانَ ذَلِكَ مَسْكَنَ مِثْلِهَا.
[فَصْلٌ لَا خَيْرَ فِي مَنْ لَا يَغَارُ]
(٥٧٠٥) فَصْلٌ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ ؟ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي» وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءَكُمْ لَيُزَاحِمْنَ الْعُلُوجَ فِي الْأَسْوَاقِ، أَمَا تَغَارُونَ؟ إنَّهُ لَا خَيْرَ فِي مَنْ لَا يَغَارُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: كَانَ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - غَيُورًا، وَمَا مِنْ امْرِئِ لَا يَغَارُ إلَّا مَنْكُوسُ الْقَلْبِ.
[مَسْأَلَة التَّسْوِيَة بَيْن الزَّوْجَاتِ فِي الْقَسْمِ]
(٥٧٠٦) مَسْأَلَة: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: (وَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُسَاوِيَ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ فِي الْقَسْمِ) لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ فِي الْقَسْمِ خِلَافًا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩] . وَلَيْسَ مَعَ الْمَيْلِ مَعْرُوفٌ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: ١٢٩] . وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ، فَمَالَ إلَى إحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ» . وَعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ بَيْنَنَا فَيَعْدِلُ، ثُمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا لَا أَمْلِكُ» . رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ نِسْوَةٌ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ بِوَاحِدَةِ مِنْهُنَّ إلَّا بِقُرْعَةٍ؛ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِهَا، تَفْضِيلٌ لَهَا، وَالتَّسْوِيَةُ وَاجِبَةٌ، وَلِأَنَّهُنَّ مُتَسَاوِيَاتٌ فِي الْحَقِّ، وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى الْقُرْعَةِ، كَمَا لَوْ أَرَادَ السَّفَرَ بِإِحْدَاهُنَّ. فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ، كَفَاهُ قُرْعَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيَصِيرُ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute