لَا يَصِحُّ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ، وَلَا يَخْطُبُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَإِنْ عَقَدَ الْحَلَالُ نِكَاحًا لَمُحْرِمٍ، بِأَنْ يَكُونَ وَكِيلًا لَهُ، أَوْ وَلِيَّا عَلَيْهِ، أَوْ عَقَدَهُ عَلَى مُحْرِمَةٍ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْحَدِيثِ، لِأَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ لَهُ وَكِيلُهُ فَقَدْ نَكَحَ
وَحَكَى الْقَاضِي فِي كَوْنِ الْمُحْرِمِ وَلِيًّا لِغَيْرِهِ رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا تَصِحُّ. وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَالثَّانِيَةُ، تَصِحُّ. وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ لِأَنَّ النِّكَاحَ حُرِّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ، لِأَنَّهُ مِنْ دَوَاعِي الْوَطْءِ الْمُفْسِدِ لِلْحَجِّ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ فِيهِ بِكَوْنِهِ وَلِيًّا فِيهِ لِغَيْرِهِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَا يَصِحُّ لِلْمُحْرِمِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ كَشِرَاءِ الصَّيْدِ. وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَجِّ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ.
[مَسْأَلَةٌ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ]
[فَصْلُ خِيَارَ الْفَسْخِ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ لِعَيْبِ يَجِدُهُ فِي صَاحِبِهِ]
(٥٤٩٧) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَأَيُّ الزَّوْجَيْنِ وَجَدَ بِصَاحِبِهِ جُنُونًا، أَوْ جُذَامًا، أَوْ بَرَصًا، أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاءَ، أَوْ عَفْلَاءَ، أَوْ فَتْقَاءَ، أَوْ الرَّجُلُ مَجْنُونًا، فَلِمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ
الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي فُصُولٍ أَرْبَعَةٍ: (٥٤٩٨) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ خِيَارَ الْفَسْخِ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ لِعَيْبِ يَجِدُهُ فِي صَاحِبِهِ فِي الْجُمْلَةِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِهِ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ: لَا تُرَدُّ الْحُرَّةُ بِعَيْبِ. وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِعَيْبِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا، فَإِنَّ لِلْمَرْأَةِ الْخِيَارَ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ، فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةِ، وَلَا يَكُونُ فَسْخًا؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْعَيْبِ لَا يَقْتَضِي فَسْخَ النِّكَاحِ، كَالْعَمَى وَالزَّمَانَةِ وَسَائِرِ الْعُيُوبِ
وَلَنَا أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ عَيْبٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ، فَأَثْبَتَ الْخِيَارَ، كَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي عَقَدَ النِّكَاحِ، فَجَازَ رَدُّهَا بِالْعَيْبِ، كَالصَّدَاقِ، أَوْ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، فَجَازَ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ، أَوْ أَحَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute