للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَالْأَثْرَمُ، وَفِي لَفْظٍ: «وَإِذَا نَهَضَ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذَيْهِ» .

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْهِ إذَا نَهَضَ فِي الصَّلَاةِ» . رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد، وَقَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: «إنَّ مِنْ السُّنَّةِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، إذَا نَهَضَ الرَّجُلُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، أَنْ لَا يَعْتَمِدَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: بِذَلِكَ جَاءَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي الصَّلَاةِ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: يَرْوِيهِ خَالِدُ بْنُ إلْيَاسَ. قَالَ أَحْمَدُ: تَرَكَ النَّاسُ حَدِيثَهُ. وَلِأَنَّهُ أَشَقُّ فَكَانَ أَفْضَلَ، كَالتَّجَافِي وَالِافْتِرَاشِ. وَحَدِيثُ مَالِكٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَشَقَّةِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ لِضَعْفِهِ وَكِبَرِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنِّي قَدْ بَدَّنْتُ، فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ»

[مَسْأَلَة إذَا شَقَّ عَلَيْهِ النُّهُوضِ مِنْ السُّجُود]

(٧٣٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (إلَّا أَنْ يَشُقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَيَعْتَمِدَ بِالْأَرْضِ) يَعْنِي إذَا شَقَّ عَلَيْهِ النُّهُوضُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، فَلَا بَأْسَ بِاعْتِمَادِهِ عَلَى الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ، لَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِي هَذَا، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، وَقَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخًا كَبِيرًا. وَمَشَقَّةُ ذَلِكَ تَكُونُ لِكِبَرٍ، أَوْ ضَعْفٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ سِمَنٍ، وَنَحْوِهِ.

[فَصْلٌ ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِهِ مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسه مِنْ السُّجُودِ وَانْتِهَاؤُهُ عِنْدَ اعْتِدَالِهِ]

(٧٤٠) فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ تَكْبِيرِهِ مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ السُّجُودِ، وَانْتِهَاؤُهُ عِنْدَ اعْتِدَالِهِ قَائِمًا، لِيَكُونَ مُسْتَوْعِبًا بِالتَّكْبِيرِ جَمِيعَ الرُّكْنِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا بَقِيَّةُ التَّكْبِيرَاتِ، إلَّا مَنْ جَلَسَ جَلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ، فَإِنَّهُ يَنْتَهِي تَكْبِيرُهُ عِنْدَ انْتِهَاءِ جُلُوسِهِ، ثُمَّ يَنْهَضُ لِلْقِيَامِ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَنْهَضُ مُكَبِّرًا. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ فَإِنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ فِي رُكْنٍ وَاحِدٍ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِجَمْعِهِمَا فِيهِ.

[مَسْأَلَة يَصْنَعُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الصَّلَاةِ مِثْلَ مَا صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى]

(٧٤١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَفْعَلُ فِي الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْأُولَى) يَعْنِي يَصْنَعُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الصَّلَاةِ مِثْلَ مَا صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى عَلَى مَا وُصِفَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَفَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ، ثُمَّ قَالَ: «افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» . وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ نَعْلَمُهُ، إلَّا أَنَّ الثَّانِيَةَ تَنْقُصُ النِّيَّةَ وَتَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَالِاسْتِفْتَاحَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُرَادُ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا نَهَضَ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَمْ يَسْكُتْ» .

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَفْتِحُ وَلَا يَسْتَعِيذُ، وَلَا نَعْلَمُ فِي تَرْكِ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا، فِيمَا عَدَا الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>