للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل قَتَلَ أَحَدُ أَبَوَيْ الْمُكَاتَبِ الْمُكَاتَبَ أَوْ عَبْدًا لَهُ]

(٦٦٢٨) فَصْلٌ: وَإِذَا قَتَلَ أَحَدُ أَبَوَيْ الْمُكَاتَبِ الْمُكَاتَبَ، أَوْ عَبْدًا لَهُ، لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْوَالِدَ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ، وَلَا يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ قِصَاصٌ. وَإِنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَحَدَ أَبَوَيْهِ، ثُمَّ قَتَلَهُ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يُقْتَلُ بِعَبْدِهِ.

[فَصْل ابْنَانِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا أَبَاهُ وَالْآخَرُ أُمَّهُ]

(٦٦٢٩) فَصْلٌ: ابْنَانِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا أَبَاهُ، وَالْآخَرُ أُمَّهُ، فَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجِيَّةُ بَيْنَهُمَا مَوْجُودَةً حَالَ قَتْلِ الْأَوَّلِ، فَالْقِصَاصُ عَلَى قَاتِلِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْقَتِيلَ الثَّانِي وَرِثَ جُزْءًا مِنْ دَمِ الْأَوَّلِ، فَلَمَّا قُتِلَ وَرِثَهُ قَاتِلُ الْأَوَّلِ، فَصَارَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ دَمِ نَفْسِهِ، فَسَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْهُ، وَوَجَبَ لَهُ الْقِصَاصُ عَلَى أَخِيهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ، وَرِثَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ سِوَاهُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ بِحَقٍّ، وَإِنْ عَفَا عَنْهُ إلَى الدِّيَةِ، وَجَبَتْ، وَتَقَاصَّا بِمَا بَيْنَهُمَا، وَمَا فَضَلَ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ لَهُ عَلَى أَخِيهِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الزَّوْجِيَّةُ بَيْن الْأَبَوَيْنِ قَائِمَةً، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ لِأَخِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَ الَّذِي قَتَلَهُ أَخُوهُ وَحْدَهُ دُونَ قَاتِلِهِ، فَإِنْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا فَقَتَلَ صَاحِبَهُ، فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ، وَسَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُ أَخَاهُ؛ لِكَوْنِهِ قَتْلًا بِحَقٍّ، فَلَا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَقْتُولِ ابْنٌ، أَوْ ابْنُ ابْنٍ يَحْجُبُ الْقَاتِلَ، فَيَكُونَ لَهُ قَتْلُ عَمِّهِ، وَيَرِثُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ.

وَإِنْ تَشَاحَّا فِي الْمُبْتَدِئِ مِنْهُمَا بِالْقَتْلِ، احْتَمَلَ أَنْ يُبْدَأَ بِقَتْلِ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا تُسَاوَيَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، فَيَصِيرَا إلَى الْقُرْعَةِ، وَأَيُّهُمَا قَتَلَ صَاحِبَهُ أَوَّلًا، إمَّا بِمُبَادَرَةٍ أَوْ قُرْعَةٍ، وَرِثَهُ، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ، وَسَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُوبًا عَنْ مِيرَاثِهِ كُلِّهِ، فَلَوْ وَرِثَ الْقَتِيلُ قُتِلَ الْآخَرُ. وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، ثُمَّ قَتَلَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ الْعَافِيَ، وَرِثَهُ أَيْضًا، وَسَقَطَ عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ. وَإِنْ تَعَافَيَا جَمِيعًا عَلَى الدِّيَةِ، تَقَاصَّا بِمَا اسْتَوَيَا فِيهِ، وَوَجَبَ لِقَاتِلِ الْأُمِّ الْفَضْلُ عَلَى قَاتِلِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ عَقْلَ الْأُمِّ نِصْفُ عَقْلِ الْأَبِ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَسْقُطَ الْقِصَاصُ عَنْهُمَا؛ لِتَسَاوِيهِمَا فِي اسْتِحْقَاقِهِ، كَسُقُوطِ الدِّيَتَيْنِ إذَا تَسَاوَتَا، وَلِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى اسْتِيفَائِهِمَا مَعًا، وَاسْتِيفَاءُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ حَيْفٌ، فَلَا يَجُوزُ، فَتَعَيَّنَ السُّقُوطُ.

وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ابْنٌ يَحْجُبُ عَمَّهُ عَنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ، فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَرِثَهُ ابْنُهُ، ثُمَّ لِابْنِهِ أَنْ يَقْتُلَ عَمَّهُ، وَيَرِثُهُ ابْنُهُ، وَيَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِابْنَيْنِ مَالَ أَبِيهِ وَمَالَ جَدِّهِ الَّذِي قَتَلَهُ عَمُّهُ دُونَ الَّذِي قَتَلَهُ أَبُوهُ. وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنْتٌ، فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَ نِصْفَ مَالِ أَخِيهِ وَنِصْفَ قِصَاصِ نَفْسِهِ، فَسَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ، وَوَرِثَ مَالَ أَبِيهِ الَّذِي قَتَلَهُ أَخُوهُ وَنِصْفَ مَالِ أَخِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>