وَلَنَا، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: «ذُكِرَ الْقُنْفُذُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: هُوَ خَبِيثٌ مِنْ الْخَبَائِثِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُحَرَّمَاتِ، وَيَأْكُلُ الْحَشَرَاتِ، فَأَشْبَهَ الْجُرَذَ.
[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ أَكْلِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ]
(٧٧٨٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ) أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ تَحْرِيمَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ. قَالَ أَحْمَدُ: خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرِهُوهَا.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ فِي تَحْرِيمِهَا وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام: ١٤٥] وَتَلَاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: مَا خَلَا هَذَا، فَهُوَ حَلَالٌ. وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْ الْفَأْرَةِ، فَقَالَتْ: مَا هِيَ بِحَرَامٍ. وَتَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ.
وَلَمْ يَرَ عِكْرِمَةُ وَأَبُو وَائِلٍ بِأَكْلِ الْحُمُرِ بَأْسًا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَالِبِ بْنِ الْحُرِّ قَالَ: أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَتْنَا سَنَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إلَّا سِمَانُ حُمُرٍ، وَإِنَّك حَرَّمْت لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ. فَقَالَ: «أَطْعِمْ أَهْلَك مِنْ سَمِينِ حُمُرِك، فَإِنَّمَا حَرَّمْتهَا مِنْ أَجْلِ حَوَالَيْ الْقَرْيَةِ»
وَلَنَا، مَا رَوَى جَابِرٌ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَرَوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْرِيمَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ عَلِيٌّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَجَابِرٌ، وَالْبَرَاءُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، وَأَنَسٌ، وَزَاهِرٌ الْأَسْلَمِيُّ، بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ حِسَانٍ، وَحَدِيثُ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ لَا يُعْرَجُ عَلَى مِثْلِهِ مَعَ مَا عَارَضَهُ.
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لَهُمْ فِي مَجَاعَتِهِمْ، وَبَيَّنَ عِلَّةَ تَحْرِيمِهَا الْمُطْلَقِ، لِكَوْنِهَا تَأْكُلُ الْعَذِرَاتِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى: حَرَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْبَتَّةَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ. مُتَّفِقٌ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ حُكْم أَكَلَ الْبِغَالُ]
(٧٧٨٣) فَصْلٌ: وَالْبِغَالُ حَرَامٌ عِنْدَ كُلِّ مَنْ حَرَّمَ الْحُمُرَ الْأَهْلِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ مِنْهَا، وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ الشَّيْءِ لَهُ حُكْمُهُ فِي التَّحْرِيمِ. وَهَكَذَا إنْ تَوَلَّدَ مِنْ بَيْنَ الْإِنْسِيِّ وَالْوَحْشِيِّ وَلَدٌ، فَهُوَ مُحَرَّمٌ، تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ، وَالسِّمْعُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ بَيْنَ الذِّئْبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute