وَلَنَا، أَنَّهَا ثَمَرَةُ نَخْلٍ إذَا تُرِكَتْ ظَهَرَتْ، فَهِيَ كَالْإِنَاثِ، أَوْ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْخَبَرِ. وَمَا ذُكِرَ لِلْوَجْهِ الْآخَرِ لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ أَكْلَهُ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يُرَادُ لِلتَّلْقِيحِ بِهِ، وَهُوَ يَكُونُ بَعْدَ ظُهُورِهِ، فَأَشْبَهَ طَلْعَ الْإِنَاثِ.
فَإِنْ بَاعَ نَخْلًا فِيهِ فِحَالٍ وَإِنَاثٌ لَمْ يَتَشَقَّقْ مِنْهُ شَيْءٌ، فَالْكُلُّ لِلْمُشْتَرِي، إلَّا عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ، فَإِنَّ طَلْعَ الْفِحَالِ يَكُونُ لِلْبَائِعِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ تَشَقَّقَ طَلْعُ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، فَمَا تَشَقَّقَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَمَا لَمْ يَتَشَقَّقْ لِلْمُشْتَرِي، إلَّا عِنْدَ مَنْ سَوَّى بَيْنَ الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا. وَإِنْ تَشَقَّقَ طَلْعُ بَعْضِ الْإِنَاثِ أَوْ بَعْضِ الْفِحَالِ، فَاَلَّذِي قَدْ ظَهَرَ لِلْبَائِعِ، وَمَا لَمْ يَظْهَرْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الِاخْتِلَافِ فِيهِ.
(٢٨٨١) فَصْلٌ: وَكُلُّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ يَجْرِي مَجْرَى الْبَيْعِ، فِي أَنَّ الثَّمَرَةَ الْمُؤَبَّرَةَ تَكُونُ لِمَنْ انْتَقَلَ عَنْهُ الْأَصْلُ، وَغَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ لِمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ، مِثْلُ أَنْ يُصْدِقَ الْمَرْأَةَ نَخْلًا، أَوْ يَخْلَعَهَا بِهِ، أَوْ يَجْعَلَهُ عِوَضًا فِي إجَارَةٍ، أَوْ عَقْدِ صُلْحٍ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَجَرَى مَجْرَى الْبَيْعِ. وَإِنْ انْتَقَلَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَالْهِبَةِ، وَالرَّهْنِ، أَوْ فُسِخَ لِأَجْلِ الْعَيْبِ، أَوْ فَلَسِ الْمُشْتَرِي، أَوْ رُجُوعِ الْأَبِ فِي هِبَتِهِ لِوَلَدِهِ، أَوْ تَقَايَلَا الْمَبِيعَ، أَوْ كَانَ صَدَاقًا فَرَجَعَ إلَى الزَّوْجِ لِفَسْخِ الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ، أَوْ نِصْفُهُ لِطَلَاقِ الزَّوْجِ، فَإِنَّهُ فِي الْفَسْخِ يَتْبَعُ الْأَصْلَ، سَوَاءٌ أُبِّرَ، أَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءٌ مُتَّصِلٌ، فَأَشْبَهَ السِّمَنَ، وَفِي الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ حُكْمُهُمَا حُكْمُ الْبَيْعِ، فِي أَنَّهُ يَتْبَعُ قَبْلَ التَّأْبِيرِ، وَلَا يَتْبَعُ فِيمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ زَالَ عَنْ الْأَصْلِ بِغَيْرِ فَسْخٍ، فَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ، كَالْبَيْعِ. وَأَمَّا رُجُوعُ الْبَائِعِ لِفَلَسِ الْمُشْتَرِي، أَوْ الزَّوْجِ لِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ، فَيُذْكَرَانِ فِي بَابَيْهِمَا.
[مَسْأَلَةٌ بَيْعُ الشَّجَرِ إذَا كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ بَادٍ]
(٢٨٨٢) مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَكَذَلِكَ بَيْعُ الشَّجَرِ إذَا كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ بَادٍ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ الشَّجَرَ عَلَى خَمْسَةِ أَضْرُبٍ: أَحَدُهَا، مَا يَكُونُ ثَمَرُهُ فِي أَكْمَامِهِ، ثُمَّ تَتَفَتَّحُ الْأَكْمَامُ، فَيَظْهَرُ، كَالنَّخْلِ الَّذِي وَرَدَّتْ السُّنَّةُ فِيهِ، وَبَيَّنَّا حُكْمَهُ، وَهُوَ الْأَصْلُ، وَمَا عَدَاهُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ، وَمُلْحَقٌ بِهِ. وَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ؛ الْقُطْنُ، وَمَا يُقْصَدُ نُورُهُ؛ كَالْوَرْدِ، وَالْيَاسَمِينِ، وَالنَّرْجِسِ، وَالْبَنَفْسَجِ، فَإِنَّهُ تَظْهَرُ أَكْمَامُهُ ثُمَّ تَتَفَتَّحُ، فَيَظْهَرُ، فَهُوَ كَالطَّلْعِ إنْ تَفَتَّحَ صجنبذه، فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي. الثَّانِي، مَا تَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ بَارِزَةً لَا قِشْرَ عَلَيْهَا وَلَا نُورَ، كَالتِّينِ، وَالتُّوتِ، وَالْجُمَّيْزِ، فَهُنَّ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ ظُهُورَهَا مِنْ شَجَرِهَا بِمَنْزِلَةِ ظُهُورِ الطَّلْعِ مِنْ قِشْرِهِ. الثَّالِث، مَا يَظْهَرُ فِي قِشْرِهِ، ثُمَّ يَبْقَى فِيهِ إلَى حِينِ الْأَكْلِ، كَالرُّمَّانِ، وَالْمَوْزِ، فَهُوَ لِلْبَائِعِ أَيْضًا بِنَفْسِ الظُّهُورِ؛ لِأَنَّ قِشْرَهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَيَبْقَى فِيهِ إلَى حِينَ الْأَكْلِ، فَهُوَ كَالتِّينِ.
وَلِأَنَّ قِشْرَهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ أَجْزَائِهِ؛ لِلُزُومِهِ إيَّاهُ، وَكَوْنِهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute