للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل نُقْصَانِ عَيْن الْمَغْصُوبِ دُونَ قِيمَتِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

(٣٩٤٧) فَصْلٌ: إذَا نَقَصَتْ عَيْنُ الْمَغْصُوبِ دُونَ قِيمَتِهِ، فَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يَكُونَ الذَّاهِبُ جُزْءًا مُقَدَّرَ الْبَدَلِ، كَعَبْدٍ خَصَاهُ، وَزَيْتٍ أَغْلَاهُ، وَنُقْرَةٍ ضَرَبَهَا دَرَاهِمَ فَنَقَصَتْ عَيْنُهَا دُونَ قِيمَتِهَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ ضَمَانُ النَّقْصِ، فَيَضْمَنُ نَقْصَ الْعَبْدِ بِقِيمَتِهِ، وَنَقْصَ الزَّيْتِ وَالنُّقْرَةِ بِمِثْلِهِمَا مَعَ رَدِّ الْبَاقِي مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ النَّاقِصَ مِنْ الْعَيْنِ لَهُ بَدَلٌ مُقَدَّرٌ، فَلَزِمَهُ مَا تُقُدِّرَ بِهِ، كَمَا لَوْ أَذْهَبَ الْجَمِيعَ.

الثَّانِي، أَنْ لَا يَكُونَ مُقَدَّرًا، مِثْلَ إنْ غَصَبَ عَبْدًا ذَا سِمَنٍ مُفْرِطٍ، فَخَفَّ جِسْمُهُ، وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ، فَلَا شَيْءَ فِيهِ سِوَى رَدِّهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا أَوْجَبَ فِي هَذَا مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ، وَلَمْ يُقَدِّرْ بَدَلَهُ، وَلَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ، فَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْأُولَى؛ فَإِنَّ الذَّاهِبَ مُقَدَّرُ الْبَدَلِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بَدَلُهُ. الثَّالِثُ، أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ فِي مُقَدَّرِ الْبَدَلِ، لَكِنَّ الذَّاهِبَ مِنْهُ أَجْزَاءٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ، كَعَصِيرٍ أَغْلَاهُ فَذَهَبَتْ مَائِيَّتُهُ، وَانْعَقَدَتْ أَجْزَاؤُهُ، فَنَقَصَتْ عَيْنُهُ دُونَ قِيمَتِهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا شَيْءَ فِيهِ سِوَى رَدِّهِ؛ لِأَنَّ النَّارَ إنَّمَا أَذْهَبَتْ مَائِيَّتَهُ الَّتِي يَقْصِدُ ذَهَابَهَا، وَلِهَذَا تَزْدَادُ حَلَاوَتُهُ، وَتَكْثُرُ قِيمَتُهُ، فَلَمْ يَجِبْ ضَمَانُهَا، كَسِمَنِ الْعَبْدِ الَّذِي يَنْقُصُ قِيمَتَهُ.

وَالثَّانِي، يَجِبُ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّرُ الْبَدَلِ، فَأَشْبَهَ الزَّيْتَ إذَا أَغْلَاهُ. وَإِنْ نَقَصَتْ الْعَيْنُ وَالْقِيمَةُ جَمِيعًا، وَجَبَ فِي الزَّيْتِ وَشِبْهِهِ ضَمَانُ النَّقْصَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَضْمُونٌ مُنْفَرِدًا، فَكَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَا، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ رِطْلُ زَيْتٍ قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ، فَأَغْلَاهُ، فَنَقَصَ ثُلُثُهُ، فَصَارَ قِيمَةُ الْبَاقِي نِصْفَ دِرْهَمٍ، فَعَلَيْهِ ثُلُثُ رِطْلٍ وَسُدُسُ دِرْهَمٍ. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبَاقِي ثُلُثَيْ دِرْهَمٍ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ رِطْلٍ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْبَاقِي لَمْ تَنْقُصْ. وَإِنْ خَصَى الْعَبْدَ، فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ضَمَانِ خُصْيَتَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ فَقَأَ عَيْنَيْهِ. وَهَلْ يَجِبُ فِي الْعَصِيرِ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ، أَوْ يَكُونُ كَالزَّيْتِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

[فَصْلٌ غَصَبَ عَبْدًا فَنَقَصَتْ قِيمَتِهِ]

(٣٩٤٨) فَصْلٌ: وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَسَمِنَ سِمَنًا نَقَصَتْ بِهِ قِيمَتُهُ، أَوْ كَانَ شَابًّا فَصَارَ شَيْخًا، أَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ نَاهِدًا فَسَقَطَ ثَدْيَاهَا. وَجَبَ أَرْشُ النَّقْصِ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ أَمْرَدَ، فَنَبَتَتْ لِحْيَتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>