أَبُو دَاوُد: نَخَافُ أَنْ لَا تَكُونَ مَحْفُوظَةً. وَقِيلَ: هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. فَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَحْمَدَ تَرَكَهَا لِضَعْفِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عِنْدَهُ.
[فَصْلٌ تَكْبِيرَ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَتَسْبِيحَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]
(٦٩٧) فَصْلٌ: وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ تَكْبِيرَ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ، وَتَسْبِيحَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَقَوْلَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، وَقَوْلَ: رَبِّي اغْفِرْ لِي - بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ -، وَالتَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ، وَاجِبٌ. وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ، وَدَاوُد. وَعَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ.
وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَلِّمْهُ الْمُسِيءَ فِي صَلَاتِهِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَسْقُطْ بِالسَّهْوِ، كَالْأَرْكَانِ. وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهِ - وَأَمْرُهُ لِلْوُجُوبِ -، وَفَعَلَهُ. وَقَالَ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ عَنْ عَمِّهِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَتِمُّ صَلَاةٌ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ إلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ يُكَبِّرُ، ثُمَّ يَرْكَعُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى يَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيُكَبِّرُ. فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ» .
وَهَذَا نَصٌّ فِي وُجُوبِ التَّكْبِيرِ، وَلِأَنَّ مَوَاضِعَ هَذِهِ الْأَذْكَارِ أَرْكَانُ الصَّلَاةِ. فَكَانَ فِيهَا ذِكْرٌ وَاجِبٌ كَالْقِيَامِ
وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ تَعْلِيمُهُ ذَلِكَ، وَهِيَ زِيَادَةٌ يَجِبُ قَبُولُهَا، عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَلِّمْهُ كُلَّ الْوَاجِبَاتِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُعَلِّمْهُ التَّشَهُّدَ وَلَا السَّلَامَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى تَعْلِيمِهِ مَا رَآهُ أَسَاءَ فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّسَاوِي فِي الْوُجُوبِ التَّسَاوِي فِي الْأَحْكَامِ، بِدَلِيلِ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ.
[فَصْلٌ الزِّيَادَةُ فِي التَّسْبِيحِ فِي الصَّلَاة]
(٦٩٨) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ إمَامًا، لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ التَّطْوِيلُ، وَلَا الزِّيَادَةُ فِي التَّسْبِيحِ. قَالَ الْقَاضِي: لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّطْوِيلُ، وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَى ثَلَاثٍ؛ كَيْ لَا يَشُقَّ عَلَى الْمَأْمُومِينَ. وَهَذَا إذَا لَمْ يَرْضَوْا بِالتَّطْوِيلِ، فَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ يَسِيرَةً، وَرَضُوا بِذَلِكَ، اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّسْبِيحُ الْكَامِلُ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ وَحْدَهُ
[فَصْلٌ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]
(٦٩٩) فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا وَسَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا الرَّبَّ فِيهِ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي