للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِثَمَنِهِ وَتَبْيِينُ مَا يَلْزَمُهُ تَبْيِينُهُ حُكْمُ الْمُرَابَحَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَلَفْظِ التَّوْلِيَةِ.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ فِي الْمُرَابَحَة رَأْس مَالِيّ فِيهِ مِائَة وَأَرْبَح عَشَرَة ثُمَّ عَادَ فَقَالَ غَلِطَتْ رَأْس مَالِيّ فِيهِ مِائَة وَعَشَرَة]

(٣٠٦٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ وَإِنْ أَخْبَرَ بِنُقْصَانٍ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّهُ، أَوْ إعْطَاؤُهُ مَا غَلِطَ بِهِ، وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنَّ وَقْتَ مَا بَاعَهَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ شِرَاءَهَا بِأَكْثَرَ. وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَالَ فِي الْمُرَابَحَةِ: رَأْسُ مَالِي فِيهِ مِائَةٌ، وَأَرْبَحُ عَشَرَةً. ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: غَلِطْت، رَأْسُ مَالِي فِيهِ مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْغَلَطِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ رَأْسَ مَالِهِ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ ثَانِيًا. وَذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ

وَرَوَى أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ، قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَدُوقًا، جَازَ الْبَيْعُ. قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ مَعَهُ فِي الْمُرَابَحَةِ فَقَدْ ائْتَمَنَهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ مَعَ يَمِينِهِ، كَالْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِرَقِيِّ لَمْ يَتْرُكْ ذِكْرَ مَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ فِي إثْبَاتِ دَعْوَاهُ؛ لِكَوْنِهِ يَقْبَلُ مُجَرَّدَ دَعْوَاهُ، بَلْ لِأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، وَقَدْ ذَكَرَ فِيهَا، فَعَلِمَ أَنَّهُ زَادَ فِي رَأْسِ الْمَالِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ، لَكِنْ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْعِلْمَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِبَيِّنَةِ أَوْ إقْرَارٍ، كَذَلِكَ عِلْمُ غَلَطِهِ هَاهُنَا يَحْصُلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَكَوْنُ الْبَائِعِ مُؤْتَمَنًا لَا يُوجِبُ قَبُولَ دَعْوَاهُ فِي الْغَلَطِ، كَالْمُضَارِبِ وَالْوَكِيلِ إذَا أَقَرَّا بِرِبْحٍ ثُمَّ قَالَا: غَلِطْنَا أَوْ نَسِينَا. وَالْيَمِينُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْخِرَقِيِّ هَاهُنَا، إنَّمَا هِيَ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِغَلَطِ نَفْسِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ، لَا عَلَى إثْبَاتِ غَلَطِهِ.

وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَإِنْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً حَتَّى يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالثَّمَنِ وَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ. فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ؛ لِإِقْرَارِهِ بِكَذِبِهَا وَلَنَا أَنَّهَا بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ، شَهِدَتْ بِمَا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ، فَتُقْبَلُ، كَسَائِرِ الْبَيِّنَاتِ. وَلَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِخِلَافِهَا؛ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ يَكُونُ لِغَيْرِ الْمُقِرِّ وَحَالَةَ إخْبَارِهِ بِثَمَنِهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ، فَلَمْ يَكُنْ إقْرَارٌ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَقُلْنَا: لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، فَادَّعَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَعْلَمُ غَلَطَهُ فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ طَلَبَ يَمِينَهُ، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ لَهُ فَيَسْتَغْنِي بِالْإِقْرَارِ عَنْ الْيَمِينِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ مَا يَلْزَمُهُ بِهِ رَدُّ السِّلْعَةِ أَوْ زِيَادَةٌ فِي ثَمَنِهَا فَلَزِمَتْهُ الْيَمِينُ، كَمَوْضِعِ الْوِفَاقِ. وَلَيْسَ هُوَ هَاهُنَا مُدَّعِيًا، إنَّمَا هُوَ مُدَّعَى عَلَيْهِ الْعِلْمُ بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ الْخِرَقِيِّ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنَّ وَقْتَ مَا بَاعَهَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ شِرَاءَهَا أَكْثَرُ. وَهَذَا صَحِيحٌ، فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَهَا بِهَذَا الثَّمَنِ عَالِمًا بِأَنَّ ثَمَنَهَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ، لَزِمَهُ الْبَيْعُ بِمَا عَقَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَاطَى شَيْئًا عَالِمًا بِالْحَالِ، فَلَزِمَهُ، كَمُشْتَرِي الْمَعِيبِ عَالِمًا بِعَيْبِهِ، وَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ يَلْزَمُهُ بِالْعِلْمِ فَادَّعَى عَلَيْهِ، لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ. فَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ.

وَإِنْ حَلَفَ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ قَبُولِهِ بِالثَّمَنِ وَالزِّيَادَةِ الَّتِي غَلِطَ بِهَا وَحَطِّهَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>