عَلَيْهَا الْخِفَّةُ، وَأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِأَنْفُسِهَا. فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ جَوْرَبِ الصُّوفِ فِي الصَّفَاقَةِ وَالثُّبُوتِ، فَلَا فَرْقَ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ، فِي مَوْضِعٍ: لَا يُجْزِئُهُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ حَتَّى يَكُونَ جَوْرَبًا صَفِيقًا، يَقُومُ قَائِمًا فِي رِجْلِهِ لَا يَنْكَسِرُ مِثْلَ الْخُفَّيْنِ، إنَّمَا مَسَحَ الْقَوْمُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْخُفِّ، يَقُومُ مَقَامَ الْخُفِّ فِي رِجْلِ الرَّجُلِ، يَذْهَبُ فِيهِ الرَّجُلُ وَيَجِيءُ
[مَسْأَلَة إنْ كَانَ يَثْبُتُ بِالنَّعْلِ مَسَحَ فَإِذَا خَلَعَ النَّعْلَ انْتَقَضَتْ الطَّهَارَةُ]
(٤٢٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ بِالنَّعْلِ مَسَحَ، فَإِذَا خَلَعَ النَّعْلَ انْتَقَضَتْ الطَّهَارَةُ) . يَعْنِي أَنَّ الْجَوْرَبَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ بِنَفْسِهِ، وَثَبَتَ بِلُبْسِ النَّعْلِ، أُبِيحَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، وَتَنْتَقِضُ الطَّهَارَةُ بِخَلْعِ النَّعْلِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْجَوْرَبِ أَحَدُ شَرْطَيْ جَوَازِ الْمَسْحِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ بِلُبْسِ النَّعْلِ، فَإِذَا خَلَعَهَا زَالَ الشَّرْطُ، فَبَطَلَتْ الطَّهَارَةُ. كَمَا لَوْ ظَهَرَ الْقَدَمُ. وَالْأَصْلُ فِي هَذَا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ. وَقَوْلُهُ: " مَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ ". قَالَ الْقَاضِي: وَيَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبِ وَالنَّعْلِ، كَمَا جَاءَ الْحَدِيثُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا مَسَحَ عَلَى سُيُورِ النَّعْلِ الَّتِي عَلَى ظَاهِرِ الْقَدَمِ، فَأَمَّا أَسْفَلُهُ وَعَقِبُهُ فَلَا يُسَنُّ مَسْحُهُ مِنْ الْخُفِّ، فَكَذَلِكَ مِنْ النَّعْلِ
[مَسْأَلَة كَانَ فِي الْخُفِّ خَرْقٌ يَبْدُو مِنْهُ بَعْضُ الْقَدَمِ]
(٤٢٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا كَانَ فِي الْخُفِّ خَرْقٌ يَبْدُو مِنْهُ بَعْضُ الْقَدَمِ، لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ وَنَحْوِهِ، إذَا كَانَ سَاتِرًا لِمَحَلِّ الْفَرْضِ، فَإِنْ ظَهَرَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ شَيْءٌ، لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا مِنْ مَوْضِعِ الْخَرَزِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، إذَا كَانَ يُرَى مِنْهُ الْقَدَمُ. وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَقٌّ يَنْضَمُّ وَلَا يَبْدُو مِنْهُ الْقَدَمُ، لَمْ يَمْنَعْ جَوَازَ الْمَسْحِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ مَذْهَبُ مَعْمَرٍ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى كُلِّ خُفٍّ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ الْمُخَرَّقِ، وَعَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ رِجْلِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ تَخَرَّقَ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ، لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ، جَازَ، وَنَحْوَهُ قَالَ الْحَسَنُ، وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَثُرَ وَتَفَاحَشَ، لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا جَازَ. وَتَعَلَّقُوا بِعُمُومِ الْحَدِيثِ، وَبِأَنَّهُ خُفٌّ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ، فَأَشْبَهَ الصَّحِيحَ؛ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى خِفَافِ الْعَرَبِ كَوْنُهَا مُخَرَّقَةً. وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَسْحِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، فَيَنْصَرِفُ إلَى الْخِفَافَ الْمَلْبُوسَةِ عِنْدَهُمْ غَالِبًا، وَلَنَا أَنَّهُ غَيْرُ سَاتِرٍ لِلْقَدَمِ، فَلَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ كَثُرَ وَتَفَاحَشَ، أَوْ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الْخُفِّ؛ وَلِأَنَّ حُكْمَ مَا ظَهَرَ الْغَسْلُ، وَمَا اسْتَتَرَ الْمَسْحُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا، غَلَبَ حُكْمُ الْغَسْلِ، كَمَا لَوْ انْكَشَفَتْ إحْدَى قَدَمَيْهِ
[فَصْل الْمَسْحُ عَلَى اللَّفَائِفِ وَالْخِرَقِ]
(٤٣٠) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى اللَّفَائِفِ وَالْخِرَقِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَقِيلَ لَهُ: إنَّ أَهْلَ الْجَبَلِ يَلُفُّونَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute