للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدَةٌ، سَوَاءٌ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ، وَإِسْحَاقَ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، فَكَفَّارَتُهَا وَاحِدَةٌ. كَمَا لَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسَاءٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ. وَعَنْهُ أَنَّ لِكُلِّ عَقْدٍ كَفَّارَةً؛ فَلَوْ تَزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ فِي عَقْدٍ، وَأَرَادَ الْعَوْدَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ إذَا تَزَوَّجَ أُخْرَى، وَأَرَادَ الْعَوْدَ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ إِسْحَاقَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الثَّالِثَةَ وُجِدَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الظِّهَارُ، وَأَرَادَ الْعَوْدَ إلَيْهَا بَعْدَ التَّكْفِيرِ عَنْ الْأُولَيَيْنِ، فَكَانَتْ عَلَيْهِ لَهَا كَفَّارَةٌ، كَمَا لَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا ابْتِدَاءً.

وَلَوْ قَالَ لَأَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. وَقَالَ: أَرَدْتُ أَنَّهَا مِثْلُهَا فِي التَّحْرِيمِ فِي الْحَالِ. دُيِّنَ فِي ذَلِكَ. وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا، لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ لِلظِّهَارِ، فَلَا يُقْبَلُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ. وَالثَّانِي: يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ أُمَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَأَرَادَ فِي تِلْكَ الْحَالِ]

(٦١٩٠) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. وَأَرَادَ فِي تِلْكَ الْحَالِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهُ صَادِقٌ. وَإِنْ أَرَادَ فِي كُلِّ حَالٍ، لَمْ يَطَأْهَا إنْ تَزَوَّجَهَا حَتَّى يَأْتِيَ بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَمَّا إذَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. الْإِخْبَارَ عَنْ حُرْمَتِهَا فِي الْحَالِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَادِقٌ؛ لِكَوْنِهِ وَصَفَهَا بِصِفَتِهَا، وَلَمْ يَقُلْ مُنْكَرًا وَلَا زُورًا.

وَكَذَلِكَ لَوْ أَطْلَقَ هَذَا الْقَوْلَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ. وَإِنْ أَرَادَ تَحْرِيمَهَا فِي كُلِّ حَالٍ، فَهُوَ ظِهَارٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ الْحَرَامِ، إذَا أُرِيدَ بِهَا الظِّهَارُ، ظِهَارٌ فِي الزَّوْجَةِ، فَكَذَلِكَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ، فَصَارَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي.

[مَسْأَلَة ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ]

مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ، وَهِيَ أَمَةٌ، فَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى مَلَكَهَا، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى يُكَفِّرَ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الظِّهَارَ يَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجَةٍ، أَمَةً كَانَتْ أَوْ حُرَّةً. فَإِذَا ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ، ثُمَّ مَلَكَهَا. انْفَسَخَ النِّكَاحُ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي بَقَاءِ حُكْمِ الظِّهَارِ؛ فَذَكَرَ الْخِرَقِيِّ هَاهُنَا أَنَّهُ بَاقٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ حَتَّى يُكَفِّرَ. وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ الْقَاضِي: الْمَذْهَبُ مَا ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] .

وَهَذَا قَدْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ، فَلَمْ يَحِلَّ لَهُ مَسُّهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، وَلِأَنَّ الظِّهَارَ قَدْ صَحَّ فِيهَا، وَحُكْمُهُ لَا يَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ الْمُزِيلِ لِلْمِلْكِ وَالْحِلِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>