لَا تَنْبَنِي عَلَى عِدَّةٍ أُخْرَى، وَلِذَلِكَ لَوْ حَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ يَئِسَتْ، انْتَقَلَتْ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَامِلَةٍ، وَلَوْ اعْتَدَّتْ الصَّغِيرَةُ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ حَاضَتْ، انْتَقَلَتْ إلَى ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ.
[فَصْل كَانَتْ عَادَةُ الْمَرْأَةِ أَنْ يَتَبَاعَدَ مَا بَيْنَ حَيْضَتَيْهَا]
(٦٣٢٤) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَتْ عَادَةُ الْمَرْأَةِ أَنْ يَتَبَاعَدَ مَا بَيْنَ حَيْضَتَيْهَا، لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَإِنْ طَالَتْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ حَيْضُهَا، وَلَمْ تَتَأَخَّرْ عَنْ عَادَتِهَا، فَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْقُرُوءِ، بَاقِيَةٌ عَلَى عَادَتِهَا، فَأَشْبَهَتْ مَنْ لَمْ يَتَبَاعَدْ حَيْضُهَا. وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا مُخَالِفًا.
[فَصْل عِدَّةِ الْمُسْتَحَاضَة]
(٦٣٢٥) فَصْلٌ: فِي عِدَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا حَيْضٌ مَحْكُومٌ بِهِ بِعَادَةٍ أَوْ تَمْيِيزٍ، أَوْ لَا تَكُونَ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ لَهَا حَيْضٌ مَحْكُومٌ بِهِ بِذَلِكَ، فَحُكْمُهَا فِيهِ حُكْمُ غَيْرِ الْمُسْتَحَاضَةِ، إذَا مَرَّتْ لَهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا. قَالَ أَحْمَدُ الْمُسْتَحَاضَةُ تَعْتَدُّ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا الَّتِي كَانَتْ تَعْرِفُ. وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ لَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً، وَلَمْ تَعْلَمْ مَوْضِعَهَا، فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. وَإِنْ شَكَّتْ فِي شَيْءٍ، تَرَبَّصَتْ حَتَّى تَسْتَيْقِنَ أَنَّ الْقُرُوءَ الثَّلَاثَ قَدْ انْقَضَتْ. وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً لَا تَمْيِيزَ لَهَا، أَوْ نَاسِيَةً لَا تَعْرِفُ لَهَا وَقْتًا وَلَا تَمْيِيزًا، فَعَنْ أَحْمَدْ فِيهَا رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، أَنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. وَهُوَ قَوْلِ عِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وَأَبِي عُبَيْدٍ
لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ حَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ أَنْ تَجْلِسَ فِي كُلّ شَهْرٍ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً، فَجَعَلَ لَهَا حَيْضَةً فِي كُلِّ شَهْرٍ تَتْرُكُ فِيهَا الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ، وَيَثْبُتُ فِيهَا سَائِرُ أَحْكَامِ الْحَيْضِ، فَيَجِبُ أَنْ تَنْقَضِيَ بِهِ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيْضِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، تَعْتَدُّ سَنَةً بِمَنْزِلَةِ مَنْ رُفِعَتْ حَيْضَتُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهَا. قَالَ أَحْمَدُ إذَا كَانَتْ قَدْ اخْتَلَطَتْ، وَلَمْ تَعْلَمْ إقْبَالَ الدَّمِ وَإِدْبَارَهُ، اعْتَدَّتْ سَنَةً؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ؛ لِأَنَّ بِهِ يَتَبَيَّنُ الْحَمْلُ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَإِسْحَاقَ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَيَقَّنْ لَهَا حَيْضًا، مَعَ أَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْقُرُوءِ، فَكَانَتْ عِدَّتُهَا سَنَةً، كَاَلَّتِي ارْتَفَعَ حَيْضُهَا.
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى، يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّنَا مَتَى حَكَمْنَا بِأَنَّ حَيْضَهَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، فَمَضَى لَهَا شَهْرَانِ بِالْهِلَالِ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الثَّالِثِ، فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا. وَإِنْ قُلْنَا: الْقُرُوءُ الْأَطْهَارُ. فَطَلَّقَهَا فِي آخِرِ شَهْرٍ، ثُمَّ مَرَّ لَهَا شَهْرَانِ وَهَلَّ الثَّالِثُ، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute