حُرٌّ وَلَمْ يُعْلَمْ بِعَيْنِهِ، وَيُرْجَعُ فِي تَعْيِينِهِ إلَى الْقُرْعَةِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَذَهَبَ الْقَاضِي إلَى أَنَّهُ يَعْتِقُ الَّذِي اشْتَرَاهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ لِأَنَّ تَمَسُّكَهُ بِعَبْدِهِ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِرِقِّهِ وَحُرِّيَّةِ صَاحِبِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَلَنَا أَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ لَفْظًا وَلَا فَعَلَ مَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِاعْتِرَافُ فَإِنَّ الشَّرْعَ يُسَوِّغُ لَهُ إمْسَاكَ عَبْدِهِ مَعَ الْجَهْلِ اسْتِنَادًا إلَى الْأَصْلِ فَكَيْفَ يَكُونُ مُعْتَرِفًا مَعَ تَصْرِيحِهِ بِأَنَّنِي لَا أَعْلَمُ الْحُرَّ مِنْهُمَا؟ وَإِنَّمَا اكْتَفَيْنَا فِي إبْقَاءِ رِقِّ عَبْدِهِ بِاحْتِمَالِ الْحِنْثِ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ فَإِذَا صَارَ الْعَبْدَانِ لَهُ وَأَحَدُهُمَا حُرٌّ لَا بِعَيْنِهِ صَارَ كَأَنَّهُمَا كَانَا لَهُ فَحَلَفَ بِعِتْقِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ فَيُقْرِعُ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ
وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ وَاحِدًا فَقَالَ: إنْ كَانَ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَأَمَتِي حُرَّةٌ، وَلَمْ يَعْلَمْ، فَإِنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فَيُعْتِقُ أَحَدَهُمَا فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ الَّذِي عَتَقَ أَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ مَعَ يَمِينِهِ.
[فَصْلٌ قَالَ إنْ كَانَ غُرَابًا فَهَذِهِ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَهَذِهِ الْأُخْرَى طَالِقٌ فَطَارَ وَلَمْ يَعْلَمْ]
(٦٠٤٠) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: إنْ كَانَ غُرَابًا فَهَذِهِ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَهَذِهِ الْأُخْرَى طَالِقٌ فَطَارَ وَلَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قُرْبَانُهُمَا وَيُؤْخَذُ بِنَفَقَتِهِمَا حَتَّى تَبِينَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مَحْبُوسَتَانِ عَلَيْهِ لِحَقِّهِ وَذَهَبَ أَصْحَابُنَا إلَى أَنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فَتَخْرُجُ بِالْقُرْعَةِ الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا كَقَوْلِنَا فِي الْعَبِيدِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقُرْعَةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا هَاهُنَا؛ لِمَا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا إذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً وَأُنْسِيَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَعَلَى هَذَا يَبْقَى التَّحْرِيمُ فِيهِمَا إلَى أَنْ يَعْلَمَ الْمُطَلَّقَةَ مِنْهُمَا وَيُؤْخَذُ بِنَفَقَتِهِمَا، فَإِنْ قَالَ: هَذِهِ الَّتِي حَنِثْت فِيهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حِلِّ الْأُخْرَى فَإِنْ ادَّعَتْ الَّتِي لَمْ يَعْتَرِفْ بِطَلَاقِهَا أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَهَلْ يَحْلِفُ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
[فَصْلٌ قَالَ إنْ كَانَ غُرَابًا فَنِسَاؤُهُ طَوَالِقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَعَبِيدُهُ أَحْرَارٌ وَطَارَ وَلَمْ يَعْلَمْ]
(٦٠٤١) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: إنْ كَانَ غُرَابًا فَنِسَاؤُهُ طَوَالِقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَعَبِيدُهُ أَحْرَارٌ وَطَارَ وَلَمْ يَعْلَمْ مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمِلْكَيْنِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْجَمِيعِ، فَإِنْ قَالَ: كَانَ غُرَابًا طَلُقَ نِسَاؤُهُ وَرُقَّ عَبِيدُهُ، فَإِنْ ادَّعَى الْعَبِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا لَيَعْتِقُوا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَهَلْ يَحْلِفُ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ غُرَابًا عَتَقَ عَبِيدُهُ وَلَمْ تَطْلُقْ النِّسَاءُ، فَإِنْ ادَّعَيْنَ أَنَّهُ كَانَ غُرَابًا لِيَطْلُقْنَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَفِي تَحْلِيفِهِ وَجْهَانِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا: يَسْتَحْلِفُ، فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ.
وَإِنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ مَا الطَّائِرُ؟ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ وَقَعْت الْقُرْعَةُ عَلَى الْغُرَابِ طَلُقَ النِّسَاءُ، وَرُقَّ الْعَبِيدُ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْعَبِيدِ عَتَقُوا وَلَمْ تَطْلُقْ النِّسَاءُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: إنْ وَقَعْت الْقُرْعَةُ عَلَى الْعَبِيدِ عَتَقُوا وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى النِّسَاءِ لَمْ يَطْلُقْنَ، وَلَمْ يَعْتِقْ الْعَبِيدُ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَهَا مَدْخَلٌ فِي الْعِتْقِ لِكَوْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْرَعَ بَيْنَ الْعَبِيدِ السِّتَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute