امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا حِنْثَهُ فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَعَهُ وَالْيَقِينَ فِي جَانِبِهِ وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ وَاحِدًا فَقَالَ: إنْ كَانَ غُرَابًا فَنِسَاؤُهُ طَوَالِقُ وَإِنْ كَانَ حَمَامًا فَعَبِيدُهُ أَحْرَارٌ أَوْ قَالَ: إنْ كَانَ غُرَابًا فَزَيْنَبُ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ حَمَامًا فَهِنْدُ طَالِقٌ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا هُوَ لَمْ يُحْكَمْ بِحِنْثِهِ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ لِلنِّكَاحِ شَاكٌّ فِي الْحِنْثِ فَلَا يَزُولُ عَنْ يَقِينِ النِّكَاحِ وَالْمِلْكِ بِالشَّكِّ
فَأَمَّا إنْ قَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: إنْ كَانَ غُرَابًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَالَ الْآخَرُ: إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَطَارَ وَلَمْ يَعْلَمَا فَقَدْ حَنِثَ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ وَلَا يُحْكَمُ بِهِ فِي حَقِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ بَلْ تَبْقَى فِي حَقِّهِ أَحْكَامُ النِّكَاحِ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ وَالسُّكْنَى؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقِينُ نِكَاحِهِ بَاقٍ وَوُقُوعُ طَلَاقِهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَأَمَّا الْوَطْءُ فَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حَانِثٌ بِيَقِينٍ، وَامْرَأَتُهُ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ وَقَدْ أَشْكَلَ فَحَرُمَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا كَمَا لَوْ حَنِثَ فِي إحْدَى امْرَأَتَيْهِ لَا بِعَيْنِهَا وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَحْرُمُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَطْءُ امْرَأَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِبَقَاءِ نِكَاحِهِ وَلَمْ يُحْكَمْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ وَفَارَقَ الْحَانِثَ فِي إحْدَى امْرَأَتَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ زَوَالُ نِكَاحِهِ عَنْ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ قُلْنَا: إنَّمَا تَحَقَّقَ حِنْثُهُ فِي وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَبِالنَّظَرِ إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مُفْرَدَةٍ فَيَقِينُ نِكَاحِهَا بَاقٍ وَطَلَاقُهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ لَكِنْ لَمَّا تَحَقَّقْنَا أَنَّ إحْدَاهُمَا حَرَامٌ وَلَمْ يُمْكِنْ تَمْيِيزُهَا حَرُمَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا
وَكَذَلِكَ هَاهُنَا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ قَدْ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ عَلَيْهِمَا وَيَصِيرُ كَمَا لَوْ تَنَجَّسَ أَحَدُ الْإِنَاءَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَا لِرَجُلَيْنِ أَوْ لَرَجُلٍ وَاحِدٍ وَقَالَ مَكْحُولٌ: يُحْمَلُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَمَالَ إلَيْهِ أَبُو عُبَيْدٍ فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ عَلِمَ الْحَالَ وَأَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوَ هَذَا قَالَ عَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَالْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُمْكِنُ صِدْقُهُ فِيمَا ادَّعَاهُ وَإِنْ أَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْحَانِثُ طَلُقَتْ زَوْجَتَاهُمَا بِإِقْرَارِهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا
وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا حَنِثَ وَحْدَهُ، وَإِنْ ادَّعَتْ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ الْحِنْثَ فَأَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَهَلْ يَحْلِفُ؟ يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
(٦٠٣٩) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: إنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ، وَقَالَ الْآخَرُ: إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَعَبْدِي حُرٌّ، فَطَارَ وَلَمْ يَعْلَمَا لَمْ نَحْكُمْ بِعِتْقِ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ، فَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا عَبْدَ صَاحِبِهِ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ حِنْثَ نَفْسِهِ عَتَقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ حِنْثَ نَفْسِهِ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِحِنْثِ صَاحِبِهِ وَإِقْرَارٌ بِعِتْقِ الَّذِي اشْتَرَاهُ.
وَإِذَا اشْتَرَى مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ إنْكَارٌ وَلَا اعْتِرَافٌ فَقَدْ صَارَ الْعَبْدَانِ فِي يَدِهِ وَأَحَدُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute