[مَسْأَلَة طَلَّقَهَا وَهِيَ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ]
(٦٣٢٦) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهِيَ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ، فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بِالشُّهُورِ حَتَّى حَاضَتْ، اسْتَقْبَلَتْ الْعِدَّةَ بِثَلَاثِ حِيَضٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً، وَبِحَيْضَتَيْنِ إنْ كَانَتْ أَمَةً وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَمْ تَحِضْ أَوْ الْبَالِغَ الَّتِي لَمْ تَحِضْ إذَا اعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ، فَحَاضَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَلَوْ بِسَاعَةٍ، لَزِمَهَا اسْتِئْنَافُ الْعِدَّةِ. فِي قَوْلِ عَامَّةِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشُّهُورَ بَدَلٌ عَنْ الْحَيْضِ، فَإِذَا وُجِدَ الْمُبْدَلُ بَطَلَ حُكْمُ الْبَدَلِ، كَالتَّيَمُّمِ مَعَ الْمَاءِ.
وَيَلْزَمُهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ إنْ قُلْنَا: الْقُرُوءُ الْحَيْضُ. وَإِنْ قُلْنَا: الْقُرُوءُ الْأَطْهَارُ. فَهَلْ تَعْتَدُّ بِمَا مَضَى مِنْ الطُّهْرِ قَبْلَ الْحَيْضِ قُرْءًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، تَعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ طُهْرٌ انْتَقَلَتْ مِنْهُ إلَى حَيْضٍ، فَأَشْبَهَ الطُّهْرَ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ. وَالثَّانِي، لَا تَعْتَدُّ بِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الطُّهْرُ بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ. وَهَذَا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ حَيْضٌ، فَلَمْ يَكُنْ قُرْءًا.
فَأَمَّا إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالشُّهُورِ، ثُمَّ حَاضَتْ بَعْدَهَا وَلَوْ بِلَحْظَةٍ، لَمْ يَلْزَمْهَا اسْتِئْنَافُ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى حَدَثَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، كَاَلَّتِي حَاضَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ، وَلَا يُمْكِنُ مَنْعُ هَذَا الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ مَنْعُهُ، لَمْ يَحْصُلْ لِمَنْ لَمْ تَحِضْ الِاعْتِدَادُ بِالشُّهُورِ بِحَالٍ.
[فَصْل حَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ صَارَتْ مِنْ الْآيِسَاتِ]
(٦٣٢٧) فَصْلٌ: وَلَوْ حَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ صَارَتْ مِنْ الْآيِسَاتِ، اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَا تُلَفَّقُ مِنْ جِنْسَيْنِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ إتْمَامُهَا بِالْحَيْضِ، فَوَجَبَ تَكْمِيلُهَا بِالْأَشْهُرِ. وَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ مِنْ الزَّوْجِ، سَقَطَ حُكْمُ مَا مَضَى وَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا رَأَتْهُ مِنْ الدَّمِ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ. وَلَوْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ، ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ انْقَضَتْ الْحَيْضَةُ الثَّالِثَةُ، تَبَيَّنَّا أَنَّ الدَّمَ لَيْسَ بِحَيْضٍ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا مَعَ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَالْحَامِلُ لَا تَحِيضُ. وَلَوْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ، ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا بَعْدَ قَضَاءِ الْعِدَّةِ، بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ فَرَغَتْ مِنْ عِدَّتِهَا، لَمْ تَلْحَقْ بِالزَّوْجِ، وَحَكَمْنَا بِصِحَّةِ الِاعْتِدَادِ، وَكَانَ هَذَا الْوَلَدُ حَادِثًا.
وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ ذَلِكَ، تَبَيَّنَّا أَنَّ الدَّمَ لَيْسَ بِحَيْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وُجُودُهُ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute