أَوْ لِوُقُوعِ الْقُرْعَةِ لَهُ، وَأَقَرَّتْ لَهُ أَنَّ عَقْدَهُ سَابِقٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ إقْرَارُهَا؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ مُنَازِعٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ عَقْدٍ آخَرَ.
[إنْ عُلِمَ أَنَّ عَقْدَيْ النِّكَاحِ وَقَعَا مَعًا لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ]
(٥٢٤٥) فَصْلٌ: وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْعَقْدَيْنِ وَقَعَا مَعًا، لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَهُمَا بَاطِلَانِ لَا حَاجَةَ إلَى فَسْخِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا بَاطِلَانِ مِنْ أَصْلِهِمَا، وَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُمَا، وَلَا يَرِثُهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ فُسِخَ نِكَاحُهُمَا، فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ، وَيَقْتَرِعَانِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ أَحَدِهِمَا صَحِيحٌ، وَقَدْ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِهَا، كَمَا لَوْ خَالَعَهَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّهُمَا مُجْبَرَانِ عَلَى الطَّلَاقِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُمَا مَهْرٌ، كَمَا لَوْ فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَ رَجُلٍ لِعُسْرِهِ أَوْ عُنَّتِهِ.
وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْفَسْخِ وَالطَّلَاقِ فَلِأَحَدِهِمَا نِصْفُ مِيرَاثِهَا، فَيُوقَفُ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَيْهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، حَلَفَ أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ وَوَرِثَ. وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجَانِ، فَلَهَا رُبْعُ مِيرَاثِ أَحَدِهِمَا. فَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَقَرَّتْ أَنَّ أَحَدَهُمَا سَابِقٌ بِالْعَقْدِ، فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الْآخَرِ، وَهِيَ تَدَّعِي رُبْعَ مِيرَاثِ مَنْ أَقَرَّتْ لَهُ. فَإِنْ كَانَ قَدْ ادَّعَى ذَلِكَ أَيْضًا دَفَعَ إلَيْهَا رُبْعَ مِيرَاثِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ادَّعَى ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ، فَإِنْ نَكَلُوا قُضِيَ عَلَيْهِمْ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ أَقَرَّتْ بِسَبْقِ أَحَدِهِمَا، اُحْتُمِلَ أَنْ يَحْلِفَ وَرَثَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَبْرَأَ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ فَلَهَا رُبْعُ مِيرَاثِهِ.
وَقَدْ رَوَى حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ، فِي رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، زَوَّجَ إحْدَاهُنَّ مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، وَلَمْ يُعْلَمْ أَيَّتَهنَّ زَوَّجَ؟ يُقْرَعُ بَيْنَهُنَّ، فَأَيَّتُهُنَّ أَصَابَتْهَا الْقُرْعَةُ فَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَهِيَ الَّتِي تَرِثُهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ السَّابِقُ فِي النِّكَاحِ فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا]
. (٥٢٤٦) فَصْلٌ: وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ السَّابِقُ فَأَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْمَهْرِ، وَجَبَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ؛ لِإِقْرَارِهِ لَهَا بِهِ، وَإِقْرَارِهَا بِبَرَاءَةِ صَاحِبِهِ. وَإِنْ مَاتَا، وَرِثَتْ الْمُقَرَّ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ؛ لِذَلِكَ. وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ قَبْلَهُمَا، اُحْتُمِلَ أَنْ يَرِثَهَا الْمُقَرُّ لَهُ كَمَا تَرِثُهُ، وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يُقْبَلَ إقْرَارُهَا لَهُ، كَمَا لَمْ تَقْبَلْهُ فِي نَفْسِهَا. وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ لِأَحَدِهِمَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ فِي حَيَاتِهِ. وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْإِنْكَارُ لِاسْتِحْقَاقِهَا؛ لِأَنَّ مَوْرُوثَهُ قَدْ أَقَرَّ لَهَا بِدَعْوَاهُ صِحَّةَ نِكَاحِهَا وَسَبْقَهُ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا.
وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ لَهَا مِيرَاثُ مَنْ تَقَعُ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ أَصَابَهَا، فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ، أَوْ كَانَتْ لَمْ تُقِرَّ لَوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَلَهَا الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهَا بِهِ، وَهِيَ لَا تَدَّعِي سِوَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُقِرَّةً لِلْآخَرِ، فَهِيَ تَدَّعِي مَهْرَ الْمِثْلِ، وَهُوَ يُقِرُّ لَهَا بِالْمُسَمَّى. فَإِنْ اسْتَوَيَا أَوْ اصْطَلَحَا، فَلَا كَلَامَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute