للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّقِيرُ: الْخَشَبُ. وَالْمُزَفَّتُ: الَّذِي يُطْلَى بِالزِّفْتِ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِمَا رَوَى بُرَيْدَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلَاثٍ، وَأَنَا آمُرُكُمْ بِهِنَّ؛ نَهَيْتُكُمْ عَنْ الْأَشْرِبَةِ أَنْ لَا تَشْرَبُوا إلَّا فِي ظُرُوفِ الْأَدَمِ، فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ، وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ النَّهْيِ، وَلَا حُكْمَ لِلْمَنْسُوخِ.

[فَصْلٌ يُكْرَهُ الْخَلِيطَانِ]

(٧٣٦٦) فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ الْخَلِيطَانِ، وَهُوَ أَنْ يُنْبَذَ فِي الْمَاءِ شَيْئَانِ؛ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْخَلِيطَيْنِ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ: الْخَلِيطَانِ حَرَامٌ. وَقَالَ فِي الرَّجُلِ يَنْقَعُ الزَّبِيبَ، وَالتَّمْرَ الْهِنْدِيَّ، وَالْعُنَّابَ وَنَحْوَهُ، يَنْقَعُهُ غُدْوَةً، وَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً لِلدَّوَاءِ: أَكْرَهُهُ؛ لِأَنَّهُ نَبِيذٌ، وَلَكِنْ يَطْبُخُهُ وَيَشْرَبُهُ عَلَى الْمَكَانِ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «نَهَى أَنْ يُنْبَذَ الْبُسْرُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا، وَنَهَى أَنْ يُنْبَذَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ جَمِيعًا.» وَفِي رِوَايَةٍ: وَانْتَبِذْ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ ". وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّهْوِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَلْيُنْبَذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي: يَعْنِي أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ: هُوَ حَرَامٌ. إذَا اشْتَدَّ وَأَسْكَرَ، وَإِذَا لَمْ يُسْكِرْ لَمْ يَحْرُمْ.

وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعِلَّةِ إسْرَاعِهِ إلَى السُّكْرِ الْمُحَرَّمِ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ، لَمْ يَثْبُتْ التَّحْرِيمُ، كَمَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوْعِيَةِ الْمَذْكُورَةِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالشُّرْبِ فِيهَا، مَا لَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةُ الْإِسْكَارِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كُنَّا نَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَأْخُذُ قَبْضَةً مِنْ تَمْرٍ، وَقَبْضَةً مِنْ زَبِيبٍ، فَنَطْرَحُهَا فِيهِ، ثُمَّ نَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، فَنَنْبِذُهُ غُدْوَةً، فَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً، وَنَنْبِذُهُ عَشِيَّةً، فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً.» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو دَاوُد. فَلَمَّا كَانَتْ مُدَّةُ الِانْتِبَاذِ قَرِيبَةً، وَهِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، لَا يُتَوَهَّمُ الْإِسْكَارُ فِيهَا لَمْ يُكْرَهْ، وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَمَا فُعِلَ هَذَا فِي بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ. فَعَلَى هَذَا، لَا يُكْرَهُ مَا كَانَ فِي الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ، وَيُكْرَهُ مَا كَانَ فِي مُدَّةٍ يُحْتَمَلُ إفْضَاؤُهُ إلَى الْإِسْكَارِ، وَلَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ مَا لَمْ يُغْلَ، أَوْ تَمْضِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ.

[مَسْأَلَةٌ الْخَمْرَةُ إذَا أُفْسِدَتْ فَصُيِّرَتْ خَلًّا]

(٧٣٦٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْخَمْرَةُ إذَا أُفْسِدَتْ، فَصُيِّرَتْ خَلًّا، لَمْ تَزُلْ عَنْ تَحْرِيمِهَا، وَإِنْ قَلَبَ اللَّهُ عَيْنَهَا فَصَارَتْ خَلًّا، فَهِيَ حَلَالٌ) رُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَنَحْوُهُ قَوْلُ مَالِكٍ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ أُلْقِيَ فِيهَا شَيْءٌ يُفْسِدُهَا كَالْمِلْحِ، فَتَخَلَّلَتْ، فَهِيَ عَلَى تَحْرِيمِهَا، وَإِنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ، أَوْ مِنْ ظِلٍّ إلَى شَمْسٍ فَتَخَلَّلَتْ، فَفِي إبَاحَتِهَا قَوْلَانِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَطْهُرُ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِهَا زَالَتْ بِتَخْلِيلِهَا فَطَهُرَتْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>