للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ يُسْتَحَبّ لِلْوَالِدِ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي أُذُنِ ابْنِهِ حِينَ يُولَدُ]

(٧٩٠٤) فَصْلٌ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْم: يُسْتَحَبُّ لِلْوَالِدِ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي أُذُنِ ابْنِهِ حِينَ يُولَدُ؛ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ أُمِّهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ» . وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ كَانَ إذَا وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ، أَخَذَهُ فِي خِرْقَةٍ، فَأَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى، وَأَقَامَ فِي الْيُسْرَى، وَسَمَّاهُ. وَرَوَيْنَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَ الْحَسَنِ يُهَنِّئُهُ بِابْنٍ لَهُ: لِيَهْنِكَ الْفَارِسُ. فَقَالَ الْحَسَنُ: وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهُ فَارِسٌ هُوَ أَوْ حِمَارٌ؟ فَقَالَ: كَيْفَ نَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ: بُورِكَ فِي الْمَوْهُوبِ، وَشَكَرْت الْوَاهِبَ، وَبَلَغَ أَشُدَّهُ، وَرُزِقْت بِرَّهُ. وَرُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحَنِّكُ أَوْلَادَ الْأَنْصَارِ بِالتَّمْرِ» .

وَرَوَى أَنَسٌ قَالَ: «ذَهَبْت بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ وُلِدَ قَالَ: هَلْ مَعَك تَمْرٌ؟ . فَنَاوَلْته تَمَرَاتٍ، فَلَاكَهُنَّ، ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ ثُمَّ مَجَّهُ فِيهِ، فَجَعَلَ يَتَلَمَّظُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ» .

[فَصْلٌ الْفَرَعَةُ وَالْعَتِيرَةُ فِي الْأُضْحِيَّةِ]

فَصْلٌ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا تُسَنُّ الْفَرَعَةُ وَلَا الْعَتِيرَةُ. وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ سِوَى ابْنِ سِيرِينَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَذْبَحُ الْعَتِيرَةَ فِي رَجَبٍ، وَيَرْوِي فِيهَا شَيْئًا. وَالْفَرَعَةُ وَالْفَرَعُ؛ بِفَتْحِ الرَّاءِ: أَوَّلُ وَلَدِ النَّاقَةِ. كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِآلِهَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَنُهُوا عَنْهَا. قَالَ ذَلِكَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعَتِيرَةُ هِيَ الرَّجَبِيَّةُ، كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمْ أَمْرًا، نَذَرَ أَنْ يَذْبَحَ مِنْ غَنَمِهِ شَاةً فِي رَجَبٍ، وَهِيَ الْعَتَائِرُ. وَالصَّحِيحُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أَنَّهُمْ كَانُوا يَذْبَحُونَهَا فِي رَجَبٍ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ، جَعَلُوا ذَلِكَ سُنَّةً فِيمَا بَيْنَهُمْ، كَالْأُضْحِيَّةِ فِي الْأَضْحَى، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْذِرُهَا كَمَا قَدْ تُنْذَرُ الْأُضْحِيَّةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ أَضْحَاةٌ وَعَتِيرَةٌ» . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ تَقْرِيرٌ لِمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ يَقْتَضِي ثُبُوتَهَا بِغَيْرِ نَذْرٍ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بَعْدُ. وَلِأَنَّ الْعَتِيرَةَ لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَنْذُورَةَ لَمْ تَكُنْ مَنْسُوخَةً، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ نَذَرَ ذَبْحَ شَاةٍ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ، لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ. وَاَللَّه أَعْلَمُ.

وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفَرَعَةِ، مِنْ كُلِّ خَمْسٍ وَاحِدَةٌ» . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>