مَنَعَ الْعُلَمَاءُ مَسَّ الْقَبْرِ، فَمَسُّ الْجَسَدِ مَعَ خَوْفِ الْأَذَى أَوْلَى بِالْمَنْعِ.
[فَصْلٌ اتِّبَاع الْمَيِّت بِنَارِ]
(١٥٤٠) فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ اتِّبَاعُ الْمَيِّتِ بِنَارٍ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: يَكْرَهُ ذَلِكَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ. رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، وَمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَعَائِشَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُمْ وَصَّوْا أَنْ لَا يُتْبَعُوا بِنَارٍ. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ، أَنَّ أَبَا مُوسَى حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ: «لَا تَتْبَعُونِي بِمِجْمَرٍ. قَالُوا لَهُ: أَوَسَمِعْت فِيهِ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُتْبَعُ الْجِنَازَةُ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ» . فَإِنْ دُفِنَ لَيْلًا فَاحْتَاجُوا إلَى ضَوْءٍ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، إنَّمَا كُرِهَ الْمَجَامِرُ فِيهَا الْبَخُورُ. وَفِي حَدِيثٍ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ قَبْرًا لَيْلًا، فَأُسْرِجَ لَهُ سِرَاجٌ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
[فَصْلٌ اتِّبَاع النِّسَاء الْجَنَائِز]
(١٥٤١) فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ اتِّبَاعُ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: «نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَكَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَعَائِشَةُ، وَمَسْرُوقٌ، وَالْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.
وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ جُلُوسٌ، قَالَ مَا يُجْلِسُكُنَّ؟ قُلْنَ: نَنْتَظِرُ الْجِنَازَةَ. قَالَ: هَلْ تُغَسِّلْنَ؟ قُلْنَ: لَا. قَالَ: هَلْ تَحْمِلْنَ؟ قُلْنَ: لَا. قَالَ: هَلْ تُدْلِينَ فِي مَنْ يُدْلِي؟ قُلْنَ: لَا. قَالَ فَارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَ فَاطِمَةَ، فَقَالَ: مَا أَخْرَجَك يَا فَاطِمَةُ مِنْ بَيْتِك؟ . قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَيْت أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ، فَرَحِمْت إلَيْهِمْ مَيِّتَهُمْ، أَوْ عَزَّيْتُهُمْ بِهِ. قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَلَعَلَّك بَلَغْت مَعَهُمْ الْكُدَى؟ . قَالَتْ: مَعَاذَ اللَّهِ، وَقَدْ سَمِعْتُك تَذْكُرُ فِيهَا مَا تَذْكُرُ. قَالَ: لَوْ بَلَغْت مَعَهُمْ الْكُدَى. فَذَكَرَ تَشْدِيدًا.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute