عَيْنُ الْعَبْدِ، لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي مِلْكِهَا مَا يُنْكِرُهُ وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْأَمَةِ مَهْرَ الْمِثْلِ، أَوْ أَقَلَّ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا. وَهَلْ تَجِبُ الْأَمَةُ أَوْ قِيمَتُهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: تَجِبُ عَيْنُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّنَا قَبِلْنَا قَوْلَهَا فِي الْقَدْرِ، فَكَذَلِكَ فِي الْعَيْنِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إدْخَالُ مَا يُنْكِرُهُ فِي مِلْكِهَا. وَالثَّانِي، تَجِبُ لَهَا قِيمَتُهَا، لِأَنَّ قَوْلَهَا إنَّمَا وَافَقَ الظَّاهِرَ فِي الْقَدْرِ لَا فِي الْعَيْنِ، فَأَوْجَبْنَا لَهَا مَا وَافَقَتْ الظَّاهِرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ كَانَ الْعَبْدُ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالْأَمَةُ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ إذَا تَحَالَفَا. وَظَاهِرُ قَوْلِ الْقَاضِي أَنَّ الْيَمِينَ لَا يُشْرَعُ فِي هَذَا كُلِّهِ.
[مَسْأَلَة أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ لَهَا عَلَيْهِ صَدَاقٌ]
(٥٥٩٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ وَإِنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ لَهَا عَلَيْهِ صَدَاقٌ، فَالْقَوْلُ أَيْضًا قَوْلُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، مَا ادَّعَتْ مَهْرَ مِثْلِهَا، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تُبْرِئُهُ مِنْهُ. وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَنْكَرَ صَدَاقَ امْرَأَتِهِ، وَادَّعَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِيمَا يُوَافِقُ مَهْرَ مِثْلِهَا، سَوَاءٌ ادَّعَى أَنَّهُ وَفَّى مَا لَهَا، أَوْ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ، أَوْ قَالَ: لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا.
وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَحُكِيَ عَنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا: إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَالدُّخُولُ بِالْمَرْأَةِ يَقْطَعُ الصَّدَاقَ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ قَالَ أَصْحَابُهُ: إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ تَعْجِيلَ الصَّدَاقِ، كَمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ، أَوْ كَانَ الْخِلَافُ فِيمَا تُعَجِّلُ مِنْهُ فِي الْعَادَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَلِّمُ نَفْسَهَا فِي الْعَادَةِ إلَّا بِقَبْضِهِ، فَكَانَ الظَّاهِرُ مَعَهُ.
وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَلِأَنَّهُ ادَّعَى تَسْلِيمَ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ فَلَمْ يُقْبَلْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، كَمَا لَوْ ادَّعَى تَسْلِيمَ الثَّمَنِ، أَوْ كَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ.
[فَصْلٌ دَفَعَ إلَيْهَا أَلْفًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ دَفَعْتهَا إلَيْك صَدَاقًا]
(٥٥٩٥) فَصْلٌ: فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهَا أَلْفًا ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ: دَفَعْتهَا إلَيْك صَدَاقًا. وَقَالَتْ: بَلْ هِبَةً فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute