للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقَعُ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ إذَا وُجِدْت الصِّفَةُ، يَكُونُ كَأَنَّهُ أَوْقَعَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ عَلَى صِفَتِهِ، وَلَوْ أَوْقَعَهُ كَذَلِكَ، لَمْ يَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ. وَلَنَا، أَنَّهُ وُجِدَ شَرْطُ وُقُوعِ ثَلَاثِ طَلَقَاتٍ، غَيْرِ مُرَتَّبَاتٍ، فَوَقَعَ الثَّلَاثُ، كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. وَإِنْ قَالَ: إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَتَانِ. فَدَخَلَتْ، طَلُقَتْ ثَلَاثًا. وَذَكَرَ مِثْلَ هَذَا بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَلَمْ يَحْكِ عَنْهُمْ فِيهِ خِلَافًا.

[فَصْلٌ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ]

(٦٠١٤) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ، إنْ دَخَلْت الدَّارَ. أَوْ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ. أَوْ: إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ فَطَالِقٌ. فَدَخَلَتْ، طَلُقَتْ وَاحِدَةً، فَبَانَتْ بِهَا، وَلَمْ يَقَعْ غَيْرُهَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَذَهَبَ الْقَاضِي إلَى أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَاحِدَةً، تَبِينُ بِهَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ " ثُمَّ " تَقْطَعُ الْأُولَى عَمَّا بَعْدَهَا، لِأَنَّهَا لِلْمُهْلَةِ، فَتَكُونُ الْأُولَى مُوَقَّعَةً، وَالثَّانِيَةُ مُعَلَّقَةً بِالشَّرْطِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَقَعُ حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ، فَيَقَعَ بِهَا ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ دُخُولَ الدَّارِ شَرْطٌ لِثَلَاثٍ، فَوَقَعَتْ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ.

وَلَنَا، أَنَّ " ثُمَّ " لِلْعَطْفِ، وَفِيهَا تَرْتِيبٌ، فَتَعَلَّقْت التَّطْلِيقَاتُ كُلُّهَا بِالدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الْعِطْفَ لَا يَمْنَعُ تَعْلِيقَ الشَّرْطِ بِالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ فِيهَا، كَمَا يَجِبُ لَوْ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِالشَّرْطِ، وَفِي هَذَا انْفِصَالٌ عَمَّا ذَكَرُوهُ، وَلِأَنَّ الْأُولَى تَلِي الشَّرْطَ، فَلَمْ يَجُزْ وُقُوعُهَا بِدُونِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَعْطِفْ عَلَيْهَا، وَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْأُولَى جَزَاءً لِلشَّرْطِ، وَعَقَّبَهُ إيَّاهَا بِفَاءِ التَّعْقِيبِ، الْمَوْضُوعَةِ لِلْجَزَاءِ، فَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ كَسَائِرِ نَظَائِرِهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلَ زَيْدٌ دَارِي، فَأَعْطِهِ دِرْهَمًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْطِيَهُ قَبْلَ دُخُولِهِ، فَكَذَا هَاهُنَا. وَمَا ذَكَرُوهُ تَحَكُّمٌ، لَيْسَ لَهُ شَاهِدٌ فِي اللُّغَةِ، وَلَا أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ.

[فَصْلٌ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ]

(٦٠١٥) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ. لَمْ يَقَعْ بِهَا شَيْءٌ حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ، فَتَقَعَ بِهَا الثَّلَاثُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ. وَذَهَبَ الْقَاضِي إلَى وُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ، وَتَبْقَى الثَّالِثَةُ مُعَلَّقَةً بِالدُّخُولِ. وَهُوَ ظَاهِرُ الْفَسَادِ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الشَّرْطَ الْمُتَقَدِّمَ لِلْمَعْطُوفِ، دُونَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَيُعَلِّقُ بِهِ مَا يَبْعُدُ عَنْهُ، دُونَ مَا يَلِيهِ، وَيَجْعَلُ جَزَاءَهُ مَا لَمْ تُوجَدْ فِيهِ الْفَاءُ الَّتِي يُجَازَى بِهَا، دُونَ مَا وُجِدَتْ فِيهِ، تَحَكُّمًا لَا يَعْرِفُ عَلَيْهِ دَلِيلًا، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ نَظِيرًا. وَإِنْ قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ فَطَالِقٌ. فَدَخَلَتْ، طَلُقَتْ ثَلَاثًا. فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>