للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَسَرَى إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ وَغَرِمَ لَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ]

(٨٦٠٨) فَصْلٌ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، فَسَرَى إلَى نَصِيبِ، الشَّرِيكِ، وَغَرِمَ لَهُ قِيمَةُ نَصِيبِهِ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ غَرِمَا قِيمَةَ الْعَبْدِ جَمِيعِهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: تَلْزَمُهُمَا غَرَامَةُ نَصِيبِهِ دُونَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا إلَّا بِعِتْقِ نَصِيبِهِ، فَلَمْ تَلْزَمْهُمَا غَرَامَهُ مَا سِوَاهُ. وَلَنَا أَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ نَصِيبَهُ وَقِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، فَلَزِمَهُمَا ضَمَانُهُ، كَمَا لَوْ فَوَّتَاهُ بِفِعْلِهِمَا، وَكَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِجُرْحٍ، ثُمَّ سَرَى الْجُرْحُ، وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ، فَضَمِنَ الدِّيَةَ، ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا.

[فَصْل شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى مَيِّتٍ بِعِتْقِ عَبْدٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِعِتْقِ آخَرَ ثُمَّ رَجَعَ الْأَوَّلَانِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

فَصْلٌ: وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى مَيِّتٍ بِعِتْقِ عَبْدٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ، فَحَكَمَ حَاكِمٌ بِشَهَادَتِهِمَا، وَعَتَقَ الْعَبْدُ، ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِعِتْقِ آخَرَ، هُوَ ثُلُثُ مَالِهِ، ثُمَّ رَجَعَ الْأَوَّلَانِ عَنْ الشَّهَادَةِ، نَظَرْنَا فِي تَارِيخِ شَهَادَتِهِمَا؛ فَإِنْ كَانَتْ سَابِقَةً وَلَمْ تُكَذِّبْ الْوَرَثَةُ رُجُوعَهُمَا، عَتَقَ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُمَا، وَلَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُمَا شِرَاءُ الثَّانِي وَإِعْتَاقُهُ؛ لِأَنَّهُمَا مَنَعَا عِتْقَهُ بِشَهَادَتِهِمَا الْمَرْجُوعِ عَنْهَا. وَإِنْ صَدَّقُوهُمَا فِي رُجُوعِهِمَا، وَكَذَّبُوهُمَا فِي شَهَادَتِهِمَا، عَتَقَ الثَّانِي، وَرَجَعُوا عَلَيْهِمَا بِقِيمَةِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا رِقَّهُ عَلَيْهِمْ بِشَهَادَتِهِمْ الْمَرْجُوعِ عَنْهَا؛ وَإِنْ كَانَ تَارِيخُهَا مُتَأَخِّرًا عَنْ الشَّهَادَةِ الْأُخْرَى، بَطَلَ عِتْقُ الْمَحْكُومِ لَهُ بِعِتْقِهِ؛ لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ أَعْتَقَ ثُلُثَ مَالِهِ قَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَلَمْ يَغْرَمْ الشَّاهِدَانِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا مَا فَوَّتَا شَيْئًا.

وَإِنْ كَانَتَا مُطْلَقَتَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا، أَوْ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا، أُقْرَعَ بَيْنَهُمَا؛ فَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الثَّانِي، عَتَقَ، وَبَطَلَ عِتْقُ الْأَوَّلِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بَاقٍ عَلَى الرِّقِّ. وَإِنْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ الْأَوَّلِ، عَتَقَ، وَنَظَرْنَا فِي الْوَرَثَةِ، فَإِنْ كَذَّبُوا الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فِي شَهَادَتِهِمَا، عَتَقَ الثَّانِي، وَرَجَعُوا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِقِيمَةِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا رِقَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِنْ كَذَّبُوهُمَا فِي رُجُوعِهِمَا، لَمْ يَرْجِعُوا عَلَيْهِمَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِعِتْقِ الْمَحْكُومِ بِعِتْقِهِ.

[مَسْأَلَة الْعِتْقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَالتَّدْبِيرَ وَالْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ]

(٨٦١٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ، فَأَعْتَقَهُمْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، أَوْ دَبَّرَهُمْ، أَوْ دَبَّرَ أَحَدَهُمْ، وَأَوْصَى بِعِتْقِ الْآخَرَيْنِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثِهِ إلَّا وَاحِدٌ؛ لِتَسَاوِي قِيمَتِهِمْ، أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ بِسَهْمِ حُرِّيَّةٍ وَسَهْمَيْ رِقٍّ، فَمَنْ وَقَعَ لَهُمْ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ، عَتَقَ دُونَ صَاحِبَيْهِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْعِتْقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَالتَّدْبِيرَ، وَالْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ، يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُجِزْ مِنْ عِتْقِ الَّذِي أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ فِي مَرَضِهِ، إلَّا ثُلُثَهُمْ. وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمَالٍ، أَشْبَهَ الْهِبَةَ، فَإِنْ أَعْتَقَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، لَمْ يَجُزْ إلَّا الثُّلُثُ.

فَإِنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا فِي مَرَضِهِ، وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، بُدِئَ بِالْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>