للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا، وَيَكُون الْكَفَنُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي مَوْضِعٍ: يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبًّا، وَلَا يُغَسَّلُ كَمَا يُغَسَّلُ الْحَلَالُ.

وَإِنَّمَا كُرِهَ عَرْكُ رَأْسِهِ، وَمَوَاضِعِ الشَّعْرِ، كَيْ لَا يَتَقَطَّعَ شَعْرُهُ. وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي تَغْطِيَةِ رِجْلَيْهِ، فَرَوَى حَنْبَلٌ عَنْهُ: لَا تُغَطَّى رِجْلَاهُ. وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: لَا أَعْرِفُ هَذَا فِي الْأَحَادِيثِ، وَلَا رَوَاهُ أَحَدٌ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ غَيْرَ حَنْبَلٍ، وَهُوَ عِنْدِي وَهْمٌ مِنْ حَنْبَلٍ، وَالْعَمَلُ عَلَى أَنَّهُ يُغَطَّى جَمِيعُ الْمُحْرِمِ، إلَّا رَأْسَهُ، لِأَنَّ إحْرَامَ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَغْطِيَةِ رِجْلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، فَكَذَلِكَ فِي مَمَاتِهِ.

وَاخْتَلَفُوا عَنْ أَحْمَدَ فِي تَغْطِيَةِ وَجْهِهِ، فَنَقَلَ عَنْهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ: لَا يُغَطَّى وَجْهُهُ؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: «وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا وَجْهَهُ» . وَنَقَلَ عَنْهُ سَائِرُ أَصْحَابِهِ: لَا بَأْسَ بِتَغْطِيَةِ وَجْهِهِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ، وَهُوَ أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِيهِ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْمَنْعُ مِنْ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، وَلِأَنَّ إحْرَامَ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَغْطِيَةِ وَجْهِهِ فِي الْحَيَاةِ، فَبَعْدَ الْمَوْتِ أَوْلَى، وَلَمْ يَرَ أَنْ يُلْبَسَ الْمُحْرِمُ الْمَخِيطَ بَعْدَ مَوْتِهِ، كَمَا لَا يَلْبَسهُ فِي حَيَاتِهِ. وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً مُحْرِمَةً، أُلْبِسَتْ الْقَمِيصَ، وَخُمِّرَتْ، كَمَا تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهَا، وَلَمْ تَقْرَبْ طِيبًا؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهَا، فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهَا.

[مَسْأَلَةٌ إنْ سَقَطَ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ غُسِّلَ وَجُعِلَ مَعَهُ فِي أَكْفَانِهِ]

(١٦٤٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِنْ سَقَطَ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ غُسِّلَ، وَجُعِلَ مَعَهُ فِي أَكْفَانِهِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا بَانَ مِنْ الْمَيِّتِ شَيْءٌ، وَهُوَ مَوْجُودٌ، غُسِّلَ، وَجُعِلَ مَعَهُ فِي أَكْفَانِهِ. قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ، أَنَّهَا غَسَّلَتْ ابْنَهَا، فَكَانَتْ تَنْزِعُهُ أَعْضَاءً، كُلَّمَا غَسَّلَتْ عُضْوًا طَيَّبَتْهُ، وَجَعَلَتْهُ فِي كَفَنِهِ. وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ جَمْعَ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَفْرِيقِهَا.

[فَصْل إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا بَعْضُ الْمَيِّتِ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ]

(١٦٤١) فَصْلٌ: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا بَعْضُ الْمَيِّتِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُغَسَّلُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى الْجَوَارِحِ. قَالَ الْخَلَّالُ: وَلَعَلَّهُ قَوْلٌ قَدِيمٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى الْأَعْضَاءِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: إنْ وُجِدَ الْأَكْثَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>