سَقَطَ عَنْهُ غَسْلُ الْوَجْهِ، لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ، وَمَنْ سَقَطَ عَنْهُ الصِّيَامُ، لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إمْسَاكُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ.
[فَصْل أَوْصَلَ التُّرَابَ إلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ بِخِرْقَةِ أَوْ خَشَبَةٍ]
(٣٦٦) فَصْلٌ: فَإِنْ أَوْصَلَ التُّرَابَ إلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ بِخِرْقَةٍ أَوْ خَشَبَةٍ، فَقَالَ الْقَاضِي: يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْمَسْحِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ آلَتَهُ، فَلَا يَتَعَيَّنُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِيهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ بِخِرْقَةٍ رَطْبَةٍ. وَإِنْ مَسَحَ مَحَلَّ الْفَرْضِ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ بِبَعْضِ يَدِهِ، أَجْزَأَهُ، إذْ كَانَتْ يَدُهُ أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهَا. وَإِنْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ جَازَ، كَمَا لَوْ وَضَّأَهُ غَيْرُهُ، وَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ فِي الْمُتَيَمِّمِ دُونَ الْمُيَمِّمِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ الْإِجْزَاءُ وَالْمَنْعُ بِهِ.
[مَسْأَلَة كَانَ مَا ضَرَبَ بِيَدَيْهِ غَيْرَ طَاهِرٍ]
(٣٦٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ كَانَ مَا ضَرَبَ بِيَدَيْهِ غَيْرَ طَاهِرٍ لَمْ يُجْزِهِ) لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْي، إلَّا أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ، قَالَ: إنْ تَيَمَّمَ بِتُرَابِ الْمَقْبَرَةِ وَصَلَّى، مَضَتْ صَلَاتُهُ. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: ٦] . وَالنَّجِسُ لَيْسَ بِطَيِّبٍ؛ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ طَاهِرٍ، كَالْوُضُوءِ، فَأَمَّا الْمَقْبَرَةُ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُنْبَشْ، فَتُرَابُهَا طَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ نَبْشُهَا وَالدَّفْنُ فِيهَا تَكَرَّرَ، لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِتُرَابِهَا؛ لِاخْتِلَاطِهِ بِصَدِيدِ الْمَوْتَى وَلُحُومِهِمْ. وَإِنْ شَكَّ فِي تَكَرُّرِ الدَّفْنِ فِيهَا، أَوْ فِي نَجَاسَةِ التُّرَابِ الَّذِي تَيَمَّمَ بِهِ، جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ، كَمَا لَوْ شَكَّ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ.
[فَصْل تَيَمَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ]
(٣٦٨) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ أَنْ يَتَيَمَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَضَّأَ جَمَاعَةٌ مِنْ حَوْضٍ وَاحِدٍ. فَأَمَّا مَا تَنَاثَرَ مِنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَعْدَ مَسْحِهِمَا بِهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ الْحَدَثَ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي طَهَارَةٍ أَبَاحَتْ الصَّلَاةَ، أَشْبَهَ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي الطَّهَارَةِ وَلِلشَّافِعِيِّ وَجْهَانِ كَهَذَيْنِ.
[مَسْأَلَة كَانَ بِهِ قُرْح أَوْ مَرَضٌ مَخُوفٌ وَأَجْنَبِ فَخَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ أَصَابَهُ الْمَاءُ]
(٣٦٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا كَانَ بِهِ قَرْحٌ أَوْ مَرَضٌ مَخُوفٌ، وَأَجْنَبَ، فَخَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ أَصَابَهُ الْمَاءُ، غَسَلَ الصَّحِيحَ مِنْ جَسَدِهِ، وَتَيَمَّمَ لِمَا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَحْكَامٍ مِنْهَا: إبَاحَةُ التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ: عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَأَبُو مُوسَى، وَعَمَّارٌ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute