[فَصْلٌ غَزَوْا فِي الْبَحْرِ فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يُقِيمَ بِالسَّاحِلِ]
(٧٤٤٦) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: إذَا غَزَوْا فِي الْبَحْرِ، فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يُقِيمَ بِالسَّاحِلِ، يَسْتَأْذِنُ الْوَالِيَ الَّذِي هُوَ عَلَى جَمِيعِ الْمَرَاكِبِ، وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْوَالِيَ الَّذِي فِي مَرْكَبِهِ.
[مَسْأَلَةٌ أُعْطِيَ شَيْئًا يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَزَاتِهِ]
(٧٤٤٧) مَسْأَلَةٌ وَمَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَزَاتِهِ، فَمَا فَضَلَ فَهُوَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يُعْطَ لِغَزَاةٍ بِعَيْنِهَا، رَدَّ مَا فَضَلَ فِي الْغَزْوِ. إذَا حَمَلَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّةٍ فَهِيَ لَهُ حِينَ الرُّجُوعُ مِنْ الْغَزْوِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ مَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي الْغَزْوِ، لَمْ يَخْلُ؛ إمَّا أَنْ يُعْطَى لِغَزْوَةٍ بِعَيْنِهَا، أَوْ فِي الْغَزْوِ مُطْلَقًا، فَإِنْ أُعْطِيَ لِغَزْوَةٍ بِعَيْنِهَا، فَمَا فَضَلَ بَعْدَ الْغَزْوِ فَهُوَ لَهُ. هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا أُعْطِيَ شَيْئًا فِي الْغَزْوِ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: إذَا بَلَغْت وَادِي الْقُرَى فَشَأْنَك بِهِ. وَلِأَنَّهُ أَعْطَاهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَنَةِ وَالنَّفَقَةِ، لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِجَارَةِ، فَكَانَ الْفَاضِلُ لَهُ، كَمَا لَوْ وَصَّى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فُلَانٌ حَجَّةً بِأَلْفٍ. وَإِنْ أَعْطَاهُ شَيْئًا لِيُنْفِقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ فِي الْغَزْوِ مُطْلَقًا، فَفَضَلَ مِنْهُ فَضْلٌ، أَنْفَقَهُ فِي غَزَاةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ الْجَمِيعَ لِيُنْفِقَهُ فِي جِهَةِ قُرْبَةٍ، فَلَزِمَهُ إنْفَاقُ الْجَمِيعِ فِيهَا، كَمَا لَوْ وَصَّى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ.
(٧٤٤٨) فَصْلٌ: وَمَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا لِيَسْتَعِينَ بِهِ فِي الْغَزْوِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَتْرُكُ لِأَهْلِهِ مِنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَمْلِكُهُ، إلَّا أَنْ يَصِيرَ إلَى رَأْسِ مَغْزَاهُ، فَيَكُونَ كَهَيْئَةِ مَالِهِ، فَيَبْعَثَ إلَى عِيَالِهِ مِنْهُ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ، لِئَلَّا يَتَخَلَّفَ عَنْ الْغَزْوِ، فَلَا يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِمَا أَنْفَقَهُ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ سِلَاحًا، أَوْ آلَةَ الْغَزْوِ، فَإِنْ قَصَدَ إعْطَاءَهُ لِمَنْ يَغْزُو بِهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَتَّخِذُ مِنْهُ سُفْرَةً فِيهَا طَعَامٌ، فَيُطْعِمَ مِنْهَا أَحَدًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُعْطِيَهَا لِيُنْفِقَهَا فِي جِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَهِيَ الْجِهَادُ.
[مَسْأَلَةٌ حُمِلَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّةٍ فِي الْغَزْوِ]
(٧٤٤٩) مَسْأَلَةٌ وَإِذَا حُمِلَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّةٍ، فَإِذَا رَجَعَ مِنْ الْغَزْوِ فَهِيَ لَهُ. إلَّا أَنْ يَقُولَ: هِيَ حَبِيسٌ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ إلَّا أَنْ تَصِيرَ فِي حَالٍ لَا تَصْلُحُ فِيهِ لِلْغَزْوِ، فَتُبَاعَ، وَتُجْعَلَ فِي حَبِيسٍ آخَرَ، وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ إذَا ضَاقَ بِأَهْلِهِ، أَوْ كَانَ فِي مَكَان لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، جَازَ أَنْ يُبَاعَ، وَيُجْعَلَ فِي مَكَان يُنْتَفَعُ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةَ إذَا أَبْدَلَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا قَوْلُهُ:
حُمِلَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّةٍ. يَعْنِي أُعْطِيَهَا لِيَغْزُوَ عَلَيْهَا، فَإِذَا غَزَا عَلَيْهَا، مَلَكَهَا كَمَا يَمْلِكُ النَّفَقَةَ الْمَدْفُوعَةَ إلَيْهِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ عَارِيَّةً، فَتَكُونَ لِصَاحِبِهَا، أَوْ حَبِيسًا فَتَكُونَ حَبِيسًا بِحَالِهِ. قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: حَمَلْت عَلَى فَرَسٍ عَتِيقٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَضَاعَهُ صَاحِبُهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْت أَنْ أَشْتَرِيَهُ، وَظَنَنْت أَنَّهُ بَائِعُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute