[فَصْلٌ زَوَّجَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ]
(٦٣٨١) فَصْلٌ: وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ، فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ، لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَلَكِنْ إنْ طَلُقَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ، أَوْ مَاتَ عَنْهَا، فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ. وَلَوْ ارْتَدَّتْ أَمَتَهُ، أَوْ كَاتَبَهَا، ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمُرْتَدَّةُ، وَعَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ، حَلَّتْ لِسَيِّدِهَا بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ فِي هَذَا كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ اسْتِمْتَاعِهَا، ثُمَّ عَادَ، فَأَشْبَهَتْ الْمُشْتَرَاةَ. وَلَنَا أَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُهُ عَلَيْهَا، فَأَشْبَهَتْ الْمُحَرَّمَةَ إذَا حَلَّتْ، وَالْمَرْهُونَةَ إذَا فُكَّتْ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي حِلِّهِمَا بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ، وَلِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ شُرِعَ لِمَعْنًى مَظِنَّتُهُ تَجَدُّدُ الْمِلْكِ، فَلَا يُشْرَعُ مَعَ تَخَلُّفِ الْمَظِنَّةِ وَالْمَعْنَى.
[فَصْلٌ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوِّجَةً فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ]
(٦٣٨٢) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً، فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَمْ تُبَحْ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَقَالَ: هَذِهِ حِيلَةٌ وَضَعَهَا أَهْلُ الرَّأْيِ، لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَاءٍ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ تَجَدَّدَ الْمِلْكُ فِيهَا، وَلَمْ يَحْصُلْ اسْتِبْرَاؤُهَا فِي مِلْكِهِ، فَلَمْ تَحِلَّ بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُزَوَّجَةً، وَلِأَنَّ إسْقَاطَ الِاسْتِبْرَاءِ هَاهُنَا ذَرِيعَةٌ إلَى إسْقَاطِهِ فِي حَقِّ مَنْ أَرَادَ إسْقَاطَهُ، بِأَنْ يُزَوِّجَهَا عِنْدَ بَيْعِهَا، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا زَوْجُهَا بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ، وَالْحِيَلُ حَرَامٌ. فَأَمَّا إنْ كَانَ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا. فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ اسْتِبْرَاؤُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ حَصَلَ بِالْعِدَّةِ، وَلِأَنَّهَا لَوْ عَتَقَتْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا مَعَ الْعِدَّةِ اسْتِبْرَاءٌ، وَلِأَنَّهَا قَدْ اسْتَبْرَأَتْ نَفْسَهَا مِمَّنْ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ، فَأَجْزَأَ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ كَانَتْ اسْتَبْرَأَتْ نَفْسَهَا مِنْ سَيِّدِهَا إذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ زَوْجٍ.
وَإِنْ اشْتَرَاهَا، وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ مِنْ زَوْجِهَا، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا اسْتِبْرَاءٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا لِسَيِّدِهَا، وَقَدْ حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ الزَّوْجِ بِالْعِدَّةِ، وَلِذَلِكَ لَوْ عَتَقَتْ فِي هَذِهِ الْحَالِ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا اسْتِبْرَاءٌ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ، فِي الْمُزَوَّجَةِ: هَلْ يَدْخُلُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الْعِدَّةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي، فِي الْمُعْتَدَّةِ: يَلْزَمُ السَّيِّدَ اسْتِبْرَاؤُهَا بَعْدَ قَضَاءِ الْعِدَّةِ، وَلَا يَتَدَاخَلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ رَجُلَيْنِ. وَمَفْهُومُ كَلَامِ أَحْمَدَ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ فِيمَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِأَنَّهَا حِيلَةٌ وَضَعَهَا أَهْلُ الرَّأْيِ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ هَاهُنَا، وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ: إنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مِنْ رَجُلَيْنِ. فَإِنَّ السَّيِّدَ هَاهُنَا لَيْسَ لَهُ اسْتِبْرَاءٌ.
[فَصْلٌ كَانَتْ الْأَمَةُ لِرَجُلَيْنِ فَوَطِئَاهَا ثُمَّ بَاعَاهَا لِرَجُلٍ]
(٦٣٨٣) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ لِرَجُلَيْنِ، فَوَطِئَاهَا، ثُمَّ بَاعَاهَا لِرَجُلٍ، أَجْزَأَهُ اسْتِبْرَاءٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ الْبَرَاءَةِ. فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ أَعْتَقَهَا لَأَلْزَمْتُمُوهَا اسْتِبْرَاءَيْنِ. قُلْنَا: وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي حَقِّ الْمُعْتَقَةِ مُعَلَّلٌ بِالْوَطْءِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute