وَلِأَنَّ الضَّمَانَ هَاهُنَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ مِنْهُمَا وَفِي الشُّفْعَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمَا وَالضَّرَرُ مِنْهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي إدْخَالِهِ عَلَى الشَّرِيكِ وَفِي الشُّفْعَةِ ضَرَرُ صَاحِبِ النِّصْفِ أَعْظَمُ مِنْ ضَرَرِ صَاحِبِ السُّدُسِ فَاخْتَلَفَا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا كَانَ وَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِأَنَّنَا إذَا حَكَمْنَا بِأَنَّ الثُّلُثَ مُعْتَقٌ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ فَنِصْفُ الثُّلُثِ سُدُسٌ إذَا ضَمَمْنَاهُ إلَى النِّصْفِ الَّذِي لِأَحَدِهِمَا صَارَ ثُلُثَيْنِ، وَإِذَا ضَمَمْنَا السُّدُسَ الْآخَرَ إلَى سُدُسِ الْمُعْتَقِ صَارَ ثُلُثًا.
وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ يَصِيرُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ رُبْعُهُ، وَالضَّمَانُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ فَأَمَّا قَوْلُهُ فَأَعْتَقَاهُ مَعًا فَلِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْعِتْقِ بِحَيْثُ لَا يَسْبِقُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِأَنْ يَتَلَفَّظَا بِهِ مَعًا أَوْ يُوَكِّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَيُعْتِقَهُمَا مَعًا أَوْ يُوَكِّلَ وَكِيلَهُ فَيُعْتِقَهُمَا أَوْ يُعَلِّقَا عِتْقَهُ عَلَى شَرْطٍ فَيُوجَدُ، فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكَيْهِ جَمِيعًا وَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ كُلُّهُ، وَقَوْلُهُ وَهُمَا مُوسِرَانِ شَرْطٌ آخَرُ، فَإِنَّ سِرَايَةَ الْعِتْقِ يُشْتَرَطُ لَهَا الْيَسَارُ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَحْدَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ جَمِيعُ نَصِيبِ مَنْ لَمْ يُعْتِقْ لِأَنَّ الْمُعْسِرَ لَا يَسْرِي عِتْقُهُ فَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُوسِرِ خَاصَّةً، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَجِدْ بَعْضَ مَا يَخُصُّهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَبَاقِيه عَلَى الْآخَرِ، مِثْلُ أَنْ يَجِدَ صَاحِبُ السُّدُسِ قِيمَةَ نِصْفِ السُّدُسِ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَيُقَوَّمُ الرُّبْعُ عَلَى صَاحِبِ النِّصْفِ وَيَصِحُّ وَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا لِصَاحِبِ السُّدُسِ رُبْعُهُ وَبَاقِيه لِمُعْتِقِ النِّصْفِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُعْسِرًا قُوِّمَ الْجَمِيعُ عَلَى الْآخَرِ، فَإِذَا كَانَ مُوسِرًا بِبَعْضِهِ قُوِّمَ الْبَاقِي عَلَى صَاحِبِ النِّصْفِ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ.
[مَسْأَلَة كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَصَابَهَا أَحَدُهُمَا وَأُحَبِّلهَا]
(٨٦٠٠) مَسْأَلَةٌ: قَالَ وَإِذَا كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَصَابَهَا أَحَدُهُمَا وَأَحْبَلَهَا أُدِّبَ وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ الْحَدُّ، وَضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِشَرِيكِهِ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدِ لَهُ وَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ مِنْهُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَهِيَ عَلَى مِلْكَيْهِمَا لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَحْرِيمِ وَطْءِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ لِأَنَّ الْوَطْءَ يُصَادِفُ مِلْكَ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ نِكَاحٍ وَلَمْ يَحِلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي غَيْرِ مِلْكٍ وَلَا نِكَاحٍ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: ٦] {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: ٧] وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يُوجِبُونَ فِيهِ حَدًّا لِأَنَّ لَهُ فِيهَا مِلْكًا فَكَانَ ذَلِكَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ، وَأُوجِبْهُ أَبُو ثَوْرٍ لِأَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ لِأَجْلِ كَوْنِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مِلْكٌ وَلَنَا أَنَّهُ وَطْءٌ صَادَفَ مِلْكَهُ فَلَمْ يُوجَبْ بِهِ حَدٌّ كَوَطْءِ زَوْجَتِهِ الْحَائِضِ، وَيُفَارِقُ مَا لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute