للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهَا، وَلِهَذَا لَوْ سَرَقَ عَيْنًا لَهُ نِصْفُهَا لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ قُطِعَ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُعَزَّرُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي حُجَّةِ أَبِي ثَوْرٍ، مَنْ لَا يَخْلُو مِنْ حَالَيْنِ إمَّا أَنْ لَا تَحْمِلَ مِنْهُ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِمَا وَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا لِأَنَّهُ وَطْءٌ سَقَطَ فِيهِ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ فَأَوْجَبَ مَهْرَ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا امْرَأَتَهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُطَاوِعَةَ أَوْ مُكْرَهَةٍ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّ وَطْءَ جَارِيَةِ غَيْرِهِ يُوجِبُ الْمَهْرَ وَإِنَّ طَاوَعَتْ لِأَنَّ الْمَهْرَ لِسَيِّدِهَا فَلَا يَسْقُطُ بِمُطَاوَعَتِهَا كَمَا لَوْ أُدِّبَتْ فِي قَطْعِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا، وَيَكُونُ الْوَاجِبُ نِصْفَ الْمَهْرِ بِقَدْرِ مِلْكِ الشَّرِيكِ فِيهَا. الْحَالُ الثَّانِي أَنْ يُحْبِلَهَا وَتَضَعَ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ بَعْضُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ كَمَا لَوْ كَانَتْ خَالِصَةً لَهُ وَتَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنْ مِلْكِ الشَّرِيكِ كَمَا تَخْرُجُ بِالْإِعْتَاقِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَاطِئُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا لِأَنَّ الْإِيلَادَ أَقْوَى مِنْ الْإِعْتَاقِ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نِصْفَهَا مِنْ مِلْكِ الشَّرِيكِ فَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهُ بِالْإِعْتَاقِ أَوْ الْإِتْلَافِ.

فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا أَدَّاهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهَا وَالْوَلَدُ حُرٌّ يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِوَالِدِهِ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءٍ فِي مَحَلٍّ لَهُ فِيهِ مِلْكٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ إذَا كَانَ مُعْسِرًا بَلْ يَصِحُّ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ وَنِصْفُهَا قِنًّا بَاقِيًا فِي مِلْكِ الشَّرِيكِ لِأَنَّ الْإِحْبَالَ كَالْعِتْقِ وَيَجْرِي مَجْرَاهُ فِي التَّقْوِيمِ وَالسِّرَايَةِ، فَأَعْتَقَتْ فِي سِرَايَتِهِ الْيَسَارَ كَالْعِتْقِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ أَيْضًا، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَعَلَى هَذَا إذَا وَلَدَتْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ كُلُّهُ حُرًّا لِاسْتِحَالَةِ انْعِقَادِ الْوَلَدِ مِنْ حُرٍّ وَعَبْدٍ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ رَقِيقًا لِأَنَّ نِصْفَ أُمِّهِ أُمُّ وَلَدٍ وَنِصْفُهَا قِنٌّ لِغَيْرِ الْوَاطِئِ فَكَانَ نِصْفُ الْوَلَدِ حُرًّا وَنِصْفُهُ رَقِيقًا كَوَلَدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِلَّ انْعِقَادَ الْوَلَدِ مِنْ حُرِّ وَقِنٍّ، وَوَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ بَعْضَهَا أُمُّ وَلَدٍ فَكَانَ جَمِيعُهَا أُمَّ وَلَدٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْوَاطِئُ مُوسِرًا، وَيُفَارِقُ الْعَتَاقَ فَإِنَّ الِاسْتِيلَادَ أَقْوَى وَلِهَذَا يَنْفُذُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ مِنْ الْمَرِيضِ وَمِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَالْإِعْتَاقُ بِخِلَافِهِ.

(٨٦٠١) فَصْلٌ: قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَهَلْ تَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَمَهْرُ الْأَمَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>