(٧٨٤٢) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْجَوْزَ الَّذِي يَتَقَامَرُ بِهِ الصِّبْيَانُ، وَلَا الْبَيْضَ الَّذِي يَتَقَامَرُونَ بِهِ يَوْمَ الْعِيدِ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ.
[فَصْلٌ الضِّيَافَةُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا]
(٧٨٤٣) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: وَالضِّيَافَةُ عَلَى كُلِّ الْمُسْلِمِينَ، كُلُّ مَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ ضَيْفٌ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُضِيفَهُ. قِيلَ إنْ ضَافَ الرَّجُلَ ضَيْفٌ كَافِرٌ يُضِيفُهُ؟ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» . وَهَذَا الْحَدِيثُ بَيِّنٌ، وَلَمَّا أَضَافَ الْمُشْرِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ وَالْمُشْرِكَ يُضَافُ، وَأَنَا أَرَاهُ كَذَلِكَ. وَالضِّيَافَةُ مَعْنَاهَا مَعْنَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ.
وَالْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَى طَعَامِهِ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بَذْلُهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يُضِفْهُ. وَلَنَا مَا رَوَى الْمِقْدَامُ أَبُو كَرِيمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَاجِبٌ، فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ، إنْ شَاءَ اقْتَضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» . حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَفِي لَفْظٍ: «أَيُّمَا رَجُلٍ ضَافَ قَوْمًا، فَأَصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا، فَإِنَّ نَصْرَهُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَقٌّ، يَأْخُذُ بِحَقِّهِ مِنْ زَرْعِهِ وَمَالِهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَالْوَاجِبُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالْكَمَالُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ؛ لِمَا رَوَى أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُؤْثِمُهُ؟ قَالَ: يُقِيمُ عِنْدَهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَقْرِيهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ أَحْمَدُ: جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ " كَأَنَّهُ أَوْكَدُ مِنْ سَائِرِ الثَّلَاثَةِ، وَلَمْ يُرِدْ يَوْمًا وَلَيْلَةً سِوَى الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، وَقَدْ قَالَ: " وَمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ، فَهُوَ صَدَقَةٌ ". فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ إضَافَتِهِ، فَلِلضَّيْفِ بِقَدْرِ ضِيَافَتِهِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمْ بِحَقِّهِ الَّذِي جَعَلَهُ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا إلَّا بِعِلْمِ أَهْلِهِ. وَعَنْهُ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا يَكْفِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ؛ لِمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّك تَبْعَثُنَا، فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يَقْرُونَنَا. قَالَ: «إذَا نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ، فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ، فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا، فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute