للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي هَذَا رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا لَا تَجِبُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ شَرِيكِهِ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ حِينِ الْعَلُوقِ وَفِي تِلْكَ الْحَالِ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فَلَمْ يَضْمَنْهُ، وَالثَّانِيَةُ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ سَبِيلِ هَذَا النِّصْفِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِشَرِيكِهِ فَقَدْ تَلِفَ رِقُّهُ عَلَيْهِ فَكَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ.

قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ أَبُو بَكْرٍ وَاخْتَارَ أَنَّهَا إنْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ التَّقْوِيمِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَاطِئِ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ التَّقْوِيمِ غَرِمَ نِصْفَ قِيمَتِهِ، فَإِنْ ادَّعَى الْوَاطِئُ الِاسْتِبْرَاءَ وَأَتَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الِاسْتِبْرَاءِ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَلَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ وَكَانَ حُكْمُ وَلَدِهَا حُكْمَهَا، وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الِاسْتِبْرَاءِ لَحِقَ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا وَقْتَ الِاسْتِبْرَاءِ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءً.

[فَصْلٌ كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَوَطِئَاهَا جَمِيعًا]

(٨٧٥٧) فَصْلٌ: وَإِنْ وَطِئَاهَا جَمِيعًا فَقَدْ وَجَبَ لَهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا، فَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَالَيْنِ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا حِينَ وَطِئَهَا الْأَوَّلُ فَعَلَيْهِ مَهْرُ بِكْرٍ، وَعَلَى الْآخَرِ مَهْرُ ثَيِّبٍ، فَإِنْ كَانَ نَجْمُهَا لَمْ يَحِلَّ فَلَهَا مُطَالَبَتُهُمَا بِالْمَهْرَيْنِ، وَإِنْ كَانَ النَّجْمُ قَدْ حَلَّ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ تَقَاصَّا عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْمُقَاصَّةِ، فَإِنْ أَدَّتْ إلَيْهِمَا عَتَقَتْ، وَكَانَ لَهُمَا الْمُطَالَبَةُ بِالْمَهْرَيْنِ، وَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ نَفْسِهَا وَفَسَخَا الْكِتَابَةَ بَعْدَ قَبْضِهَا الْمَهْرَيْنِ لَمْ يَمْلِكْ أَحَدُهُمَا مُطَالَبَةَ الْآخَرِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهَا قَبَضَتْهُمَا وَهِيَ مُسْتَحِقَّةٌ لِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَا فِي يَدِهَا اقْتَسَمَاهُمَا، وَإِنْ تَلِفَا أَوْ بَعْضُهُمَا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَمْلُوكِهِ،

وَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَهْرَيْنِ - وَهُمَا سَوَاءٌ - سَقَطَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ تَقَاصَّ مِنْهُمَا بِقَدْرِ أَقَلِّهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ قَبَضَتْ الْبَعْضَ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ رَجَعَ الْمَقْبُوضُ مِنْهُ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ مَا عَلَيْهِ.

وَإِنْ قَبَضَتْ الْبَعْضَ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ - أَوْ قَبَضَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ رَجَعَ مَنْ قُبِضَ مِنْهُ الْأَكْثَرُ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ الزِّيَادَةِ الَّتِي أَدَّاهَا، وَإِنْ أَفْضَاهَا أَحَدُهُمَا بِوَطْئِهِ فَعَلَيْهِ لَهَا ثُلُثُ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْإِفْضَاءَ فِي الْحُرَّةِ يُوجِبُ ثُلُثَ دِيَتِهَا فَوَجَبَ فِي الْأَمَةِ ثُلُثُ قِيمَتِهَا مَعَ الْمَهْرِ.

فَصْلٌ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ فِي الْإِفْضَاءِ قَدْرُ نَقْصِهَا. وَقَالَ الْقَاضِي: تَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ فَرْعٌ عَلَى الْوَاجِبِ فِي إفْضَاءِ الْحُرَّةِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، فَإِنْ فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ رَجَعَ مَنْ لَمْ يَفُضَّهَا عَلَى الْآخَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>