إلَى الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْكِتَابَةِ فَاتَّفَقَا عَلَى أَخْذِهِ عِوَضًا عَنْ مَالِ الْكِتَابَةِ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ جِنْسِهَا.
وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا قَبَضَتْهُ وَدَفَعَتْهُ مِمَّا عَلَيْهَا مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ مِنْ عِوَضِهِ أَوْ غَيْرِهِ،
وَإِنْ عَجَزَتْ فَسَخَا الْكِتَابَةَ وَكَانَ فِي يَدِهَا بِقَدْرِ الْمَهْرِ أَخَذَهُ الَّذِي لَمْ يَطَأْ وَسَقَطَ الْمَهْرُ مِنْ ذِمَّةِ الْوَاطِئِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ كَانَ لِلَّذِي لَمْ يَطَأْ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَاطِئِ بِنِصْفِهِ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا، فَإِنْ حَبِلَتْ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِشَرِيكِهِ مَعَ نِصْفِ الْمَهْرِ الْوَاجِبِ لَهَا - مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا - إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا أَدَّاهُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ. هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ ذَكَرَ مِثْلَ هَذَا فِي بَابِ الْعِتْقِ، فَعَلَى هَذَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ، وَمُكَاتَبَتُهُ لَهُ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا وَتَكُونُ مُبْقَاةً عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهَا وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا بِمَا تُسَاوِي مُكَاتَبَتَهُ مُبْقَاةً عَلَى مَا بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْ كِتَابَتِهَا.
وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَسْرِ الْإِحْبَالُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ بِالْقَوْلِ يُعْتَبَرُ الْيَسَارُ فِي سِرَايَتِهِ، وَنَصِيبُ الْوَاطِئِ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ وَحُكْمُ الْكِتَابَةِ، وَنَصِيبُ شَرِيكِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ إلَّا حُكْمُ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ أَدَّتْ إلَيْهِمَا عَتَقَتْ وَبَطَلَ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ، وَإِنْ عَجَزَتْ وَفَسَخَا الْكِتَابَةَ ثَبَتَ لِنِصْفِهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ، وَنِصْفُهَا قِنٌّ لَا يُقَوَّمُ عَلَى الْوَارِثِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَقٍ.
وَإِنْ مَاتَ الْوَاطِئُ قَبْلَ عَجْزِهَا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَسَقَطَ حُكْمُ الْكِتَابَةِ فِيهِ وَكَانَ الْبَاقِي مُكَاتَبًا،
وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ مُوسِرًا فَقَدْ ثَبَتَ لِنِصْفِهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ، وَنِصْفُهَا الْآخَرُ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ أَدَّتْ إلَيْهِمَا عَتَقَتْ كُلُّهَا وَوَلَاؤُهَا لَهُمَا، وَإِنْ عَجَزَتْ وَفَسَخَا الْكِتَابَةَ قَوَّمْنَاهَا حِينَئِذٍ عَلَى الْوَاطِئِ، فَيَدْفَعُ إلَى شَرِيكِهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَتَصِيرُ جَمِيعُهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، فَإِنْ مَاتَ عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَكَانَ وَلَاؤُهَا لَهُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَى الْمُوسِرِ وَتَبْطُلُ الْكِتَابَةُ فِي نِصْفِ الشَّرِيكِ، وَتَصِيرُ جَمِيعُهَا أُمَّ وَلَدٍ وَنِصْفُهَا مُكَاتَبًا لِلْوَاطِئِ، فَإِنْ أَدَّتْ نَصِيبَهُ إلَيْهِ عَتَقَتْ وَسَرَى إلَى الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَعَتَقَ جَمِيعُهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ فَفَسَخَ الْكِتَابَةَ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ خَاصَّةً، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَتْ كُلُّهَا.
وَلَنَا أَنَّ بَعْضَهَا أُمُّ وَلَدٍ فَكَانَ جَمِيعُهَا كَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ مُوسِرًا، يُحَقِّقُ هَذَا أَنَّ الْوَلَدَ حَاصِلٌ مِنْ جَمِيعِهَا، وَهُوَ كُلُّهُ مِنْ الْوَاطِئِ وَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بِهِ فَيَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ لِجَمِيعِهَا، وَيُفَارِقُ الْإِعْتَاقُ فَإِنَّهُ أَضْعَفُ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ.
وَلَنَا عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَبْطُلُ بِالتَّقْوِيمِ أَنَّهَا عَقْدٌ لَازِمٌ، فَلَا تَبْطُلُ مَعَ بَقَائِهَا بِفِعْلٍ صَدَرَ مِنْهُ، كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ تَحْبَلْ مِنْهُ فَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِنَّهُ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءٍ فِيهِ شُبْهَةٌ وَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بِهِ كَذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ فِي مِلْكِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute