للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ أَنَّ أَبَا الْحَارِثِ الْمُزَنِيّ اشْتَرَى تُرَابَ مَعْدِنٍ بِمِائَةِ شَاةٍ مُتْبِعٍ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ثَمَنَ أَلْفِ شَاةٍ. فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: رُدَّ عَلَيَّ الْبَيْعَ. فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ. فَقَالَ: لَآتِيَنَّ عَلِيًّا فَلَآتِيَنَّ عَلَيْكَ - يَعْنِي أَسْعَى بِكَ - فَأَتَى عَلَيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: إنَّ أَبَا الْحَارِثِ أَصَابَ مَعْدِنًا. فَأَتَاهُ عَلِيٌّ. فَقَالَ: أَيْنَ الرِّكَازُ الَّذِي أَصَبْت؟ فَقَالَ مَا أَصَبْت رِكَازًا، إنَّمَا أَصَابَهُ هَذَا، فَاشْتَرَيْته مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ مُتْبِعٍ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ مَا أَرَى الْخُمْسَ إلَّا عَلَيْكَ. قَالَ: فَخَمْسُ الْمِائَةِ شَاةٍ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمَعْدِنِ، لَا زَكَاةُ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِعَيْنِ الْمَعْدِنِ، أَوْ بِقِيمَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ السَّائِمَةَ بَعْدَ حَوْلِهَا، أَوْ الزَّرْعَ أَوْ الثَّمَرَةَ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا.

[فَصْلُ أَجَّرَ دَارِهِ فَقَبَضَ كَرَّاهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ]

(١٩١٤) فَصْلٌ: وَمِنْ أَجَرَ دَارِهِ، فَقَبَضَ كِرَاهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يُزَكِّيه إذَا اسْتَفَادَهُ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» . وَلِأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَفَادٌ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فَأَشْبَهَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ. وَكَلَامُ أَحْمَدَ، فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَجَرَ دَارِهِ سَنَةً، وَقَبَضَ أُجْرَتَهَا فِي آخِرِهَا، فَأَوْجَبَ عَلَيْهَا زَكَاتَهَا، لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهَا مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ، فَصَارَتْ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، إذَا قَبَضَهَا بَعْدَ حَوْلٍ زَكَّاهَا حِينَ يَقْبِضُهَا، فَإِنَّهُ قَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، فَيُحْمَلُ مُطْلَقُ كَلَامِهِ عَلَى مُقَيَّدِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>