وَلَوْ قَالَ سَاقَيْتُك عَلَى هَذَيْنِ الْبُسْتَانَيْنِ بِالنِّصْفِ مِنْ هَذَا، وَالثُّلُثِ مِنْ هَذَا صَحَّ؛ لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ، جَمَعَتْ عِوَضَيْنِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: بِعْتُك دَارَيَّ هَاتَيْنِ، هَذِهِ بِأَلْفٍ، وَهَذِهِ بِمِائَةٍ. وَإِنْ قَالَ: بِالنِّصْفِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالثُّلُثِ مِنْ الْآخَرِ. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، لَا يَدْرِي أَيَّهُمَا الَّذِي يَسْتَحِقُّ نِصْفَهُ، وَلَا الَّذِي يَسْتَحِقُّ ثُلُثَهُ. وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى بُسْتَانٍ وَاحِدٍ، نِصْفُهُ هَذَا بِالنِّصْفِ، وَنِصْفُهُ هَذَا بِالثُّلُثِ. وَهُمَا مُتَمَيِّزَانِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُمَا كَبُسْتَانَيْنِ.
(٤١١٢) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ لِاثْنَيْنِ، فَسَاقَيَا عَامِلًا وَاحِدًا، عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، وَثُلُثَ نَصِيبِ الْآخَرِ، وَالْعَامِلُ عَالِمٌ بِنَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، جَازَ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَاحِدِ مَعَ الِاثْنَيْنِ عَقْدَانِ. وَلَوْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَقْدِ كَانَ لَهُ أَنْ يَشْرِطَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ. وَإِنْ جَهِلَ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ غَرَّرَ، فَإِنَّهُ قَدْ يَقِلُّ نَصِيبُ مَنْ شَرَطَ النِّصْفَ، فَيَقِلُّ حَظُّهُ، وَقَدْ يَكْثُرُ، فَيَتَوَفَّرُ حَظُّهُ
فَأَمَّا إنْ شَرَطَا قَدْرًا وَاحِدًا مِنْ مَالِهِمَا جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمَ قَدْرُ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهَا جَهَالَةٌ لَا غَرَرَ فِيهَا وَلَا ضَرَرَ، فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَا: بِعْنَاك دَارَنَا هَذِهِ بِأَلْفٍ. وَلَمْ يَعْلَمْ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، جَازَ لِأَنَّهُ أَيَّ نَصِيبٍ كَانَ فَقَدْ عَلِمَ عِوَضَهُ، وَعَلِمَ جُمْلَةَ الْمَبِيعِ، فَصَحَّ. كَذَلِكَ هَا هُنَا. وَلَوْ سَاقَى وَاحِدٌ اثْنَيْنِ، جَازَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَشْرُطَ لَهُمَا التَّسَاوِيَ فِي النَّصِيبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَشْرُطَ لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ.
[فَصْلٌ سَاقَاهُ ثَلَاثَ سِنِينَ عَلَى أَنَّ لَهُ فِي الْأُولَى النِّصْفَ وَفِي الثَّانِيَةِ الثُّلُثَ وَفِي الثَّالِثَةِ الرُّبْعَ]
(٤١١٣) فَصْلٌ: وَلَوْ سَاقَاهُ ثَلَاثَ سِنِينَ، عَلَى أَنَّ لَهُ فِي الْأُولَى النِّصْفَ، وَفِي الثَّانِيَةِ الثُّلُثَ، وَفِي الثَّالِثَةِ الرُّبْعَ جَازَ؛ لِأَنَّ قَدْرَ مَا لَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَعْلُومٌ، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ شَرَطَ لَهُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ قَدْرًا.
(٤١١٤) فَصْلٌ: وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ بُسْتَانًا، فَقَالَ: مَا زَرَعْت فِيهِ مِنْ حِنْطَةٍ فَلِي رُبْعُهُ، وَمَا زَرَعْت مِنْ شَعِيرٍ فَلِي ثُلُثُهُ وَمَا زَرَعْت مِنْ بَاقِلَّا فَلِي نِصْفُهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ مَا يَزْرَعُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ مَجْهُولُ الْقَدْرِ، فَجَرَى مَجْرَى مَا لَوْ شَرَطَ لَهُ فِي الْمُسَاقَاةِ ثُلُثَ هَذَا النَّوْعِ، وَنِصْفَ هَذَا النَّوْعِ الْآخَرِ، وَهُوَ جَاهِلٌ بِمَا فِيهِ مِنْهُمَا
وَإِنْ قَالَ: إنْ زَرَعْتهَا حِنْطَةً فَلِي رُبْعُهَا، وَإِنْ زَرَعْتهَا شَعِيرًا فَلِي ثُلُثُهُ، وَإِنْ زَرَعْتهَا بَاقِلَّا فَلِي نِصْفُهُ. لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَزْرَعُهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك بِعَشَرَةٍ صِحَاحٍ، أَوْ أَحَدَ عَشْرَةَ مُكَسَّرَةٍ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّهُ يَصِحُّ، بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ فِي الْإِجَارَةِ: إنْ خِطْتَهُ رُومِيًّا فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْته فَارِسِيًّا فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ
فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ، فَيَخْرُجُ هَا هُنَا مِثْلَهُ. وَإِنْ قَالَ: مَا زَرَعْتهَا مِنْ شَيْءٍ فَلِي نِصْفُهُ. صَحَّ؛ «لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute