مَنْ قَطَعَ طَرَفَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَارْتَدَّ، وَمَاتَ فِي رِدَّتِهِ. وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ فِي رِدَّتِهِ أَوَّلًا، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَطَعَ طَرَفَهُ الْآخَرَ، وَمَاتَ مِنْهُمَا، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا.
[فَصْلٌ يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِالْمُسْلِمِ]
(٦٥٩٩) فَصْلٌ: وَيُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَتَلَ الْيَهُودِيَّ الَّذِي رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا» وَلِأَنَّهُ إذَا قُتِلَ بِمِثْلِهِ فَبِمَنْ فَوْقَهُ أَوْلَى. وَيُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِالذِّمِّيِّ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ أَدْيَانُهُمْ أَوْ اخْتَلَفَتْ. فَلَوْ قَتَلَ النَّصْرَانِيُّ مَجُوسِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا، قُتِلَ بِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي النَّصْرَانِيِّ يُقْتَلُ بِالْمَجُوسِيِّ إذَا قَتَلَهُ، قِيلَ: فَكَيْفَ يُقْتَلُ بِهِ، وَدِيَتُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ؟ فَقَالَ: أَذْهَبُ إلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ رَجُلًا بِامْرَأَةٍ. يَعْنِي أَنَّهُ قَتَلَهُ بِهَا مَعَ اخْتِلَافِ دِيَتِهِمَا، وَلِأَنَّهُمَا تَكَافَآ فِي الْعِصْمَةِ بِالذِّمَّةِ وَنَقِيصَةِ الْكُفْرِ، فَجَرَى الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا، كَمَا لَوْ تَسَاوَى دِينُهُمَا. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
[فَصْل لَا يُقْتَلُ ذِمِّيٌّ بِحَرْبِيٍّ]
(٦٦٠٠) فَصْلٌ: وَلَا يُقْتَلُ ذِمِّيٌّ بِحَرْبِيٍّ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، أَشْبَهَ الْخِنْزِيرَ، وَلَا دِيَةَ فِيهِ لِذَلِكَ وَلَا كَفَّارَةَ، وَلَا يَجِبُ بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ لِذَلِكَ، سَوَاءٌ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ. وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الذِّمِّيُّ بِقَتْلِهِ، وَالِدَيْهِ إذَا عَفَا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ فِي قَتْلِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجِبُ الْقِصَاصُ دُونِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ. وَلَنَا، أَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ أَشْبَهَ الْحَرْبِيَّ، وَلِأَنَّ مَنْ لَا يَضْمَنُهُ الْمُسْلِمُ لَا يَضْمَنُهُ الذِّمِّيُّ، كَالْحَرْبِيِّ.
[فَصْل قَاتِلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ]
(٦٦٠١) فَصْلٌ: وَلَيْسَ عَلَى قَاتِلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ. وَهَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ وَجْهًا، أَنَّ عَلَى قَاتِلِهِ الْقَوَدَ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ إلَى الْإِمَامِ، فَيَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ سِوَاهُ، كَمَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إذَا قَتَلَهُ غَيْرُ مُسْتَحِقِّهِ. وَلَنَا، أَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ، وَقَتْلُهُ مُتَحَتِّمٌ، فَلَمْ يَضْمَنْ كَالْحَرْبِيِّ، وَيَبْطُلُ مَا قَالَهُ بِالْمُرْتَدِّ، وَفَارَقَ الْقَاتِلَ، فَإِنَّ قَتْلَهُ غَيْرُ مُتَحَتِّمٍ. وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى طَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ، فَاخْتَصَّ بِمُسْتَحِقِّهِ، وَهَا هُنَا يَجِبُ قَتْلُهُ لِلَّهِ تَعَالَى، فَأَشْبَهَ الْمُرْتَدَّ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمُحَارِبِ الَّذِي تَحَتَّمَ قَتْلُهُ.
[فَصْلٌ يُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ بِالْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ]
(٦٦٠٢) فَصْلٌ: وَيُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ بِالْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، وَيُقَدَّمُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ. وَإِنْ عَفَا عَنْهُ وَلِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute