حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَأِ، قَتِيلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا، مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُمْ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: قَتَادَةَ حَذَفَ ابْنَهُ بِالسَّيْفِ، فَقَتَلَهُ فَأَخَذَ عُمَرُ مِنْهُ الدِّيَةَ؛ ثَلَاثِينَ حِقَّةً، وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً رَوَاهُ مَالِكٌ فِي " مُوَطَّئِهِ " وَوَجْهُ الْأَوَّلِ مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَاعًا خَمْسًا وَعُشْرِينَ جَذَعَةً، وَخَمْسًا وَعُشْرِينَ حِقَّةً، وَخَمْسًا وَعُشْرِينَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسًا وَعُشْرِينَ بِنْتَ مَخَاضٍ. وَلِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِجِنْسِ الْحَيَوَانِ، فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَمْلُ، كَالزَّكَاةِ وَالْأُضْحِيَّةِ.
(٦٧٨٠) فَصْلٌ: وَالْخَلِفَةُ: الْحَامِلُ وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» تَأْكِيدٌ، وَقَلَّمَا تَحْمِلُ إلَّا ثَنِيَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي لَهَا خَمْسُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي السَّادِسَةِ، وَأَيُّ نَاقَةٍ حَمَلَتْ فَهِيَ خَلِفَةً، تُجْزِئُ فِي الدِّيَةِ، وَقَدْ قِيلَ: لَا تُجْزِئُ إلَّا ثَنِيَّةٌ؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ: «أَرْبَعُونَ خَلِفَةً، مَا بَيْنَ ثَنِيَّةِ عَامِهَا إلَى بَازِلٍ» . وَلِأَنَّ سَائِرَ أَنْوَاعِ الْإِبِلِ مُقَدَّرَةُ السِّنِّ، فَكَذَلِكَ الْخَلِفَةُ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي هُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْلَقَ الْخَلِفَةَ، وَالْخَلِفَةُ هِيَ الْحَامِلُ، فَيَقْتَضِي أَنْ تُجْزِئَ كُلُّ حَامِلٍ. وَلَوْ أَحْضَرَهَا خَلِفَةً، فَأَسْقَطَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا، فَعَلَيْهِ بَدَلُهَا، فَإِنْ أَسْقَطَتْ بَعْدَ قَبْضِهَا أَجْزَأَتْ؛ لِأَنَّهُ بَرِئَ مِنْهَا بِدَفْعِهَا.
[فَصْلٌ اخْتَلَفَا فِي حَمَلَهَا الدِّيَة فِي الْقَتْل الْعَمْد]
(٦٧٨١) فَصْلٌ: فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حَمْلِهَا، رُجِعَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ، كَمَا يُرْجَعُ فِي حَمْلِ الْمَرْأَةِ إلَى الْقَوَابِلِ. وَإِنْ تَسَلَّمْهَا الْوَلِيُّ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ تَكُنْ حَوَامِلَ، وَقَدْ ضَمَرَتْ أَجْوَافُهَا، فَقَالَ الْجَانِي بَلْ قَدْ وَلَدَتْ عِنْدَك. نَظَرْت؛ فَإِنْ قَبَضَهَا بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إصَابَتُهُمْ، وَإِنْ قَبَضَهَا بِغَيْرِ قَوْلِهِمْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute