للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ إحْرَامِ النُّسُكِ الَّذِي تَرَكَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ. وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ، إذَا أَمَرَهُ بِالنُّسُكَيْنِ، فَفَعَلَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ، رَدَّ مِنْ النَّفَقَةِ بِقَدْرِ مَا تَرَكَ، وَوَقَعَ الْمَفْعُولُ عَنْ الْآمِرِ، وَلِلنَّائِبِ مِنْ النَّفَقَةِ بِقَدْرِهِ.

[فَصْل اسْتَنَابَهُ رَجُل فِي الْحَجّ وَآخَر فِي الْعُمْرَة وَأَذِنَا لَهُ فِي الْقِرَان فَفَعَلَ]

(٢٢٢٩) فَصْلٌ: وَإِنْ اسْتَنَابَهُ رَجُلٌ فِي الْحَجِّ، وَآخَرُ فِي الْعُمْرَةِ، وَأَذِنَا لَهُ فِي الْقِرَانِ، فَفَعَلَ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ نُسُكٌ مَشْرُوعٌ. وَإِنْ قَرَنَ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِمَا، صَحَّ وَوَقَعَ عَنْهُمَا، وَيَرُدُّ مِنْ نَفَقَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ السَّفَرَ عَنْهُمَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا.

وَإِنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا دُونِ الْآخَرِ، رَدَّ عَلَى غَيْرِ الْآمِرِ نِصْفَ نَفَقَتِهِ وَحْدَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا لَمْ يَأْذَنَا لَهُ ضَمِنَ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّهُ أُمِرَ بِنُسُكٍ مُفْرَدٍ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ، فَكَانَ مُخَالِفًا، كَمَا لَوْ أُمِرَ بِحَجٍّ فَاعْتَمَرَ.

وَلَنَا، أَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ، وَإِنَّمَا خَالَفَ فِي صِفَتِهِ، لَا فِي أَصْلِهِ، فَأَشْبَهَ مَنْ أُمِرَ بِالتَّمَتُّعِ فَقَرَنَ. وَلَوْ أُمِرَ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ، فَقَرَنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النُّسُكِ الْآخَرِ لِنَفْسِهِ، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ، وَدَمُ الْقِرَانِ عَلَى النَّائِبِ إذَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ؛ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي سَبَبِهِ، وَعَلَيْهِمَا، إنْ أَذِنَا؛ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي سَبَبِهِ. وَلَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَعَلَى الْآذِنِ نِصْفُ الدَّمِ، وَنِصْفُهُ عَلَى النَّائِبِ.

[فَصْل أَمَرَ بِالْحَجِّ فَحَجّ ثُمَّ اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ]

(٢٢٣٠) فَصْلٌ: وَإِنْ أُمِرَ بِالْحَجِّ، فَحَجَّ، ثُمَّ اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ، أَوْ أَمَرَهُ بِعُمْرَةٍ، فَاعْتَمَرَ، ثُمَّ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ. صَحَّ، وَلَمْ يَرُدَّ شَيْئًا مِنْ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ

وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْإِحْرَامِ مِنْ مِيقَاتٍ، فَأَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْإِجْزَاءِ. وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْإِحْرَامِ مِنْ بَلَدِهِ، فَأَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ. وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ، فَأَحْرَمَ مَنْ بَلَدِهِ، جَازَ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ لَا تَضُرُّ. وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْحَجِّ فِي سَنَةٍ، أَوْ بِالِاعْتِمَارِ فِي شَهْرٍ، فَفَعَلَهُ فِي غَيْرِهِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ.

[فَصْل اسْتَنَابَهُ اثْنَانِ فِي نُسُك فَأَحْرَمَ بِهِ عَنْهُمَا]

(٢٢٣١) فَصْلٌ: فَإِنْ اسْتَنَابَهُ اثْنَانِ فِي نُسُكٍ، فَأَحْرَمَ بِهِ عَنْهُمَا، وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ دُونَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ عَنْهُمَا، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ صَاحِبِهِ.

وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَنْوِهَا، فَمَعَ نِيَّتِهِ أَوْلَى. وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مُعَيِّنٍ، احْتَمَلَ أَنْ يَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَحْرَمَ عَنْهُمَا. وَاحْتَمَلَ أَنْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ، فَصَحَّ عَنْ الْمَجْهُولِ، وَإِلَّا صَرَفَهُ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى طَافَ شَوْطًا، وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ لَا يَقَعُ عَنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ.

[مَسْأَلَة امْرَأَةٌ مُوسِرَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَحْرَمٌ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ]

(٢٢٣٢) مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَحُكْمُ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَ لَهَا مَحْرَمٌ كَحُكْمِ الرَّجُلِ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا مَحْرَمَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا بِالْمَحْرَمِ كَالرَّجُلِ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>