[مَسْأَلَةُ مِقْدَار زَكَاةِ الْفِطْر]
(١٩٥٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: صَاعًا بِصَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعٌ عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ، لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ أَجْنَاسِ الْمُخْرَجِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمُعَاوِيَةَ، أَنَّهُ يُجْزِئُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ الْبُرِّ خَاصَّةً. وَهُوَ مَذْهَبُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالشَّعْبِيِّ، فَرُوِيَ صَاعٌ، وَرُوِيَ نِصْفُ صَاعٍ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الزَّبِيبِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، صَاعٌ، وَالْأُخْرَى نِصْفُ صَاعٍ. وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَى ثَعْلَبَةُ بْنُ صُعَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «صَاعٌ مِنْ قَمْحٍ بَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ مُنَادِيًا فِي فِجَاجِ مَكَّةَ: أَلَا إنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، مُدَّانِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ سِوَاهَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَقَالَ سَعِيدٌ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْخَالِقِ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: «كَانَتْ الصَّدَقَةُ تُدْفَعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ.» وَقَالَ هُشَيْمٌ: أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ «خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ ذَكَرَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ، فَحَضَّ عَلَيْهَا وَقَالَ: نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ، ذَكَرٍ وَأُنْثَى» وَلَنَا: مَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ، الْمَدِينَةَ، فَتَكَلَّمَ فَكَانَ مِمَّا كَلَّمَ النَّاسَ: أَنِّي لَأَرَى، مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ. فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ.» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَلَا أَزَالَ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْت أُخْرِجُهُ
وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، قَالَ فَعَدَلَ النَّاسُ إلَى نِصْفِ صَاعٍ، مِنْ بُرٍّ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَلِأَنَّهُ جِنْسٌ يُخْرَجُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ، فَكَانَ قَدْرُهُ صَاعًا كَسَائِرِ الْأَجْنَاسِ. وَأَحَادِيثُهُمْ لَا تَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَحَدِيثُ ثَعْلَبَةَ تَفَرَّدَ بِهِ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ يَهِمُ كَثِيرًا، وَهُوَ صَدُوقٌ فِي الْأَصْلِ. وَقَالَ مُهَنَّا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute