للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَسْجُدُ فِي الْحَالِ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، فِيمَنْ نَسِيَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَتَيْهَا: يَسْجُدُ فِي الْحَالِ ثَمَانِيَ سَجَدَاتٍ. وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ الصَّلَاةِ شَرْطٌ فِيهَا، فَلَا يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ، كَمَا لَوْ قَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ نَاسِيًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى سَلَّمَ، ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ غَيْرُ رَكْعَةٍ تَنْقُصُ سَجْدَةً فَإِذَا سَلَّمَ بَطَلَتْ أَيْضًا. نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى بُطْلَانِهَا فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، فَحِينَئِذٍ يَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ

[فَصْلٌ تَرَكَ الْمُصَلَّيْ رُكْنًا ثُمَّ ذَكَرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ]

(٩٢٤) فَصْلٌ: وَإِذَا تَرَكَ رُكْنًا، ثُمَّ ذَكَرَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ، بَنَى الْأَمْرَ عَلَى أَسْوَأِ الْأَحْوَالِ، مِثْلُ أَنْ يَتْرُكَ سَجْدَةً لَا يَعْلَمُ أَمِنْ الرَّكْعَةِ. الرَّابِعَةِ أَمْ مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا جَعَلَهَا مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ رَكْعَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَوْ حَسِبَهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ، أَجْزَأَتْهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ. فَإِنْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ لَا يَعْلَمُ أَمِنْ الرَّكْعَتَيْنِ أَمْ مِنْ رَكْعَةٍ، جَعَلَهُمَا مِنْ رَكْعَتَيْنِ لِيَلْزَمَهُ رَكْعَتَانِ. وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ رَكْعَةٍ هُوَ فِيهَا لَا يَعْلَمُ أَرُكُوعٌ هُوَ أَمْ سُجُودٌ، جَعَلَهُ رُكُوعًا؛ لِيَلْزَمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ.

وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا، يَأْتِي بِمَا يَتَيَقَّنُ بِهِ إتْمَامَ الصَّلَاةِ لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنْهَا وَهُوَ شَاكٌّ فِيهَا، فَيَكُونَ مَغْرُورًا بِهَا. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا غِرَارَ فِي صَلَاةٍ وَلَا تَسْلِيمٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ الْأَثْرَمُ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَرَى أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهَا إلَّا عَلَى يَقِينٍ، لَا يَخْرُجُ مِنْهَا عَلَى غَرَرٍ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّهَا قَدْ تَمَّتْ، وَلَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى فَذَكَرَهَا فِي التَّشَهُّدِ، أَتَى بِرَكْعَةٍ وَأَجْزَأَتْهُ وَقَدْ رَوَى الْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الْعَصْرَ أَوْ غَيْرَهَا، فَنَسِيَ أَنْ يَرْكَعَ فِي الثَّانِيَةِ، حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّابِعَةِ، قَالَ: يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ وَيُتِمُّهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَلَا يَحْتَسِبُ بِاَلَّتِي لَمْ يَرْكَعْ فِيهَا، ثُمَّ يَسْجُدُ لِلْوَهْمِ

[فَصْلٌ شَكَّ فِي تَرَكَ رُكْن مِنْ أَرْكَان الصَّلَاة وَهُوَ فِيهَا هَلْ أَخْلُ بِهِ أَوْ لَا]

(٩٢٥) فَصْلٌ: وَإِنْ شَكَّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ فِيهَا - هَلْ أَخَلَّ بِهِ أَوْ لَا؟ - فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ، إمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَإِنْ شَكَّ فِي زِيَادَةٍ تُوجِبُ السُّجُودَ، فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا فَلَا يَجِبُ السُّجُودُ بِالشَّكِّ فِيهَا. وَإِنْ شَكَّ فِي تَرْكِ وَاجِبٍ يُوجِبُ تَرْكُهُ سُجُودَ السَّهْوِ فَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا سُجُودَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي سَبَبِهِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ بِالشَّكِّ، كَمَا لَوْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ السُّجُودُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. وَلَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، أَوْ فِي رُكْنٍ ذُكِرَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَسْجُدْ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ لِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ احْتِمَالِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُوجَدْ

[فَصْلٌ سَهَا سَهْوَيْنِ أَوْ أَكْثَرِ مِنْ جِنْس]

(٩٢٦) فَصْلٌ: إذَا سَهَا سَهْوَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ جِنْسٍ، كَفَاهُ سَجْدَتَانِ لِلْجَمِيعِ. لَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِيهِ. وَإِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>