للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٥٧٩٥) الْفَصْلُ الثَّالِثُ: إذَا كَانَ الْخُلْعُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، تَعَلَّقَ الْعِوَضُ بِذِمَّتِهِ. هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، كَمَا لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي الِاسْتِدَانَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِرَقَبَةِ الْأَمَةِ. وَإِنْ خَالَعَتْ عَلَى مُعَيَّنٍ بِإِذْنِ السَّيِّدِ فِيهِ، مَلَكَهُ. وَإِنْ أَذِنَ فِي قَدْرِ الْمَالِ، فَخَالَعَتْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ فَالزِّيَادَةُ فِي ذِمَّتِهَا. وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ، اقْتَضَى الْخُلْعُ بِالْمُسَمَّى لَهَا، فَإِنْ خَالَعَتْ بِهِ أَوْ بِمَا دُونَهُ، لَزِمَ السَّيِّدَ، وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ تَعَلَّقْت الزِّيَادَةُ بِذِمَّتِهَا، كَمَا لَوْ عَيَّنَ لَهَا قَدْرًا فَخَالَعَتْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ. وَإِنْ كَانَتْ مَأْذُونًا لَهَا فِي التِّجَارَةِ، سَلَّمَتْ الْعِوَضَ مِمَّا فِي يَدِهَا.

(٥٧٩٦) فَصْلٌ: وَالْحُكْمُ فِي الْمُكَاتَبَةِ كَالْحُكْمِ فِي الْأَمَةِ الْقِنِّ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيمَا فِي يَدِهَا بِتَبَرُّعٍ، وَمَا لَاحَظَ فِيهِ، وَبَذْلُ الْمَالِ فِي الْخُلْعِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ تَحْصِيلُ الْمَالِ، بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ بِسُقُوطِ نَفَقَتِهَا، وَبَعْضِ مَهْرِهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا. وَإِذَا كَانَ الْخُلْعُ بِغَيْرِ إذْنَ السَّيِّدِ، فَالْعِوَضُ فِي ذِمَّتِهَا، يَتْبَعُهَا بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، سَلَّمَهُ مِمَّا فِي يَدِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ، فَهُوَ عَلَى سَيِّدِهَا.

[فَصْلٌ خَلَعَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا لِفَلْسِ]

(٥٧٩٧) فَصْلٌ: يَصِحُّ خُلْعُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا لِفَلَسٍ، وَبَذْلُهَا لِلْعِوَضِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ لَهَا ذِمَّةً يَصِحُّ تَصَرُّفُهَا فِيهَا، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْعِوَضِ إذَا أَيْسَرَتْ وَفُكَّ الْحَجْرُ عَنْهَا، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهَا فِي حَالِ حَجْرِهَا، كَمَا لَوْ اسْتَدَانَتْ مِنْهُ، أَوْ بَاعَهَا شَيْئًا فِي ذِمَّتِهَا. (٥٧٩٨) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لَسَفَهٍ، أَوْ صِغَرٍ، أَوْ جُنُونٍ، فَلَا يَصِحُّ بَذْلُ الْعِوَضِ مِنْهَا فِي الْخُلْعِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ، وَلَيْسَ هِيَ مِنْ أَهْلِهِ، وَسَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الْوَلِيُّ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِذْنُ فِي التَّبَرُّعَاتِ، وَهَذَا كَالتَّبَرُّعِ. وَفَارَقَ الْأَمَةَ، فَإِنَّهَا أَهْلُ التَّصَرُّفِ. وَلِهَذَا تَصِحُّ مِنْهَا الْهِبَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ بِإِذْنِهِ، وَيُفَارِقُ الْمُفْلِسَةَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ. فَإِنْ خَالَعَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهَا بِلَفْظٍ يَكُونُ طَلَاقًا، فَهُوَ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ، وَلَا يَسْتَحِقُّ عِوَضًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ مِمَّا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، كَانَ كَالْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَقَعَ الْخُلْعُ هَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِهِ بِعِوَضٍ، لَمْ يَحْصُلْ لَهُ، وَلَا أَمْكَنَ الرُّجُوعُ بِبَدَلِهِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَيْسَ لِوَلِيِّ هَؤُلَاءِ الْمُخَالَعَةُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِنَّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ بِمَا لَهَا فِيهِ الْحَظُّ، وَهَذَا لَا حَظَّ فِيهِ، بَلْ فِيهِ إسْقَاطُ نَفَقَتِهَا وَمَسْكَنِهَا وَبَذْلُ مَالِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>