وَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الدِّيَةِ عَلَيْهِ، وَحَلَفَ الْآخَرُ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَبُرِّئَ، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ.
وَإِنْ ادَّعَى عَلَى ثَلَاثَةٍ عَلَيْهِمْ لَوْثٌ، وَلَمْ يَحْضُرْ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ، حَلَفَ عَلَى الْحَاضِرِ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَاسْتَحَقَّ ثُلُثَ الدِّيَةِ، فَإِذَا حَضَرَ الثَّانِي: فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَحْلِفُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا أَيْضًا، وَيَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ عَلَى أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ إلَّا بِمَا يَثْبُتُ عَلَى الْآخَرِ، كَالْبَيِّنَةِ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الْكَامِلَةِ عَلَى الثَّانِي: كَإِقَامَتِهَا عَلَى الْأَوَّلِ. وَالثَّانِي: يَحْلِفُ عَلَيْهِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ حَضَرَا مَعًا، لَحَلَفَ عَلَيْهِمَا خَمْسِينَ يَمِينًا، حِصَّةُ هَذَا مِنْهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ. وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ الْيَمِينَ لَا تُقْسَمُ عَلَيْهِمْ إذَا حَضَرُوا، وَلَوْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مُنْفَرِدٍ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَيْمَانِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقٌّ، وَإِنَّمَا الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، وَتَتَنَاوَلُهُمْ تَنَاوُلًا وَاحِدًا، وَلِأَنَّهَا لَوْ قُسِمَتْ عَلَيْهِمْ بِالْحِصَصِ، لَوَجَبَ أَنْ لَا يُقْسَمَ عَلَى الْأَوَّلِ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعَ عَشْرَةَ يَمِينًا، وَكَذَلِكَ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ هُوَ حِصَّتُهُ مِنْ الْأَيْمَانِ، فَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ، لَا وَجْهَ لِحَلِفِهِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا.
وَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا حَلَفَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَحِصَّةِ الثَّالِثِ. فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ أَرْبَعَةً وَثَلَاثِينَ. وَإِذَا قَدِمَ الثَّالِثُ: فَفِيهِ الْوَجْهَانِ؛ أَصَحُّهُمَا، يَحْلِفَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَيَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الدِّيَةِ. وَالْآخَرُ، يَحْلِفُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا. وَإِنْ حَضَرُوا جَمِيعًا، حَلَفَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَاسْتَحَقَّ الدِّيَةَ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا، وَهَذَا التَّفْرِيعُ يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقْتَ الْأَيْمَانِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا أُقِيمَتْ مُقَامَ الْبَيِّنَةِ، فَاشْتُرِطَ حُضُورُ مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ، كَالْبَيِّنَةِ. وَكَذَلِكَ إنْ رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، اُشْتُرِطَ حُضُورُ الْمُدَّعِينَ وَقْتَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ، فَيُعْتَبَرُ رِضَاهُ بِهَا وَحُضُورُهُ، إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا، فَيَقُومَ حُضُورُهُ مَقَامَ مُوَكِّلِهِ.
[فَصْلٌ قَالَ الْمُدَّعِي قَتَلَهُ هَذَا وَرَجُلٌ آخَرُ لَا أَعْرِفُهُ]
(٧٠٤١) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: قَتَلَهُ هَذَا وَرَجُلٌ آخَرُ لَا أَعْرِفُهُ. وَكَانَ عَلَى الْمُعَيَّنِ لَوْثٌ، أَقْسَمَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الدِّيَةِ، فَإِنْ تَعَيَّنَ لَهُ الْآخَرُ، حَلَفَ عَلَيْهِ، وَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الدِّيَةِ. وَإِنْ قَالَ: قَتَلَهُ هَذَا، وَنَفَرٌ لَا أَعْلَمُ عَدَدَهُمْ. لَمْ تَجِبْ الْقَسَامَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ كَمْ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ.
[فَصْلٌ لَا تَسْمَع الدَّعْوَى إلَّا مُحَرَّرَةً]
(٧٠٤٢) فَصْلٌ: وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إلَّا مُحَرَّرَةً، بِأَنْ يَقُولَ: أَدَّعِي أَنَّ هَذَا قَتَلَ وَلِيِّي فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ، عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ الْعَمْدِ. وَيَصِفُ الْقَتْلَ، فَإِنْ كَانَ عَمْدًا قَالَ: قَصَدَ إلَيْهِ بِسَيْفٍ، أَوْ بِمَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا. فَإِنْ كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute