للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيمَةً قَلِيلَةً، فَلَا يَحْصُلُ التَّعْدِيلُ، وَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْإِجْبَارِ عَلَى الْقِسْمَةِ، أَنْ يَكُونَ مَا يَأْخُذُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَهَذَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ آخِذُهُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَهُ رَاضِيًا بِهِ، عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ، جَازَ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ التَّرَاضِي بَيْعٌ، وَشِرَاؤُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزٌ، وَقِيَاسُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ، أَنَّ الطَّرِيقَ تَبْقَى بِحَالِهَا فِي نَصِيبِ الْآخَرِ، مَا لَمْ يَشْتَرِطْ صَرْفَهَا عَنْهُ، كَمَجْرَى الْمَاءِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ قِسْمَةُ مَالِ الصَّغِيرِ مَعَ شَرِيكِهِ]

(٨٣٢٦) فَصْلٌ: قَالَ: وَلِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ قِسْمَةُ مَالِ الصَّغِيرِ مَعَ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ إمَّا إفْرَازُ حَقٍّ، أَوْ بَيْعٌ، وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ لَهُمَا، وَلِأَنَّ فِي الْقِسْمَةِ مَصْلَحَةً لِلصَّبِيِّ، فَجَازَتْ، كَالشِّرَاءِ لَهُ، وَيَحُوزُ لَهُمَا قِسْمَةُ التَّرَاضِي مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فِي الْعِوَضِ؛ لِأَنَّ فِيهِ دَفْعًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهُ لِضَرَرِ الْحَاجَةِ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، أَوْ الْحَاجَةِ إلَى النَّفَقَةِ.

[فَصْلٌ الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا وِلَايَةُ الْقَضَاءِ]

(٨٣٢٧) فَصْلٌ: وَلَا تَصِحُّ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ إلَّا بِتَوْلِيَةِ الْإِمَامِ، أَوْ مَنْ فَوَّضَ الْإِمَامُ إلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مَنْ وَلَّاهُ لَيْسَ بِعَدْلٍ، فَهَلْ تَصِحُّ وِلَايَتُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَيَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يَخْتَارَ لِلْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَهُمْ. وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا الْوِلَايَةُ تَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ، فَالصَّرِيحَةُ سَبْعَةُ أَلْفَاظٍ؛ وَهِيَ: قَدْ وَلَّيْتُك الْحُكْمَ، وَقَلَّدْتُك، وَاسْتَنَبْتُكَ، وَاسْتَخْلَفْتُك، وَرَدَدْت إلَيْك الْحُكْمَ، وَفَوَّضْت إلَيْك، وَجَعَلْت إلَيْك. فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ الْمُوَلِّي، وَجَوَابُهَا مِنْ الْمُوَلِّي بِالْقَبُولِ، انْعَقَدَتْ الْوِلَايَةُ. وَأَمَّا الْكِنَايَةُ، فَهِيَ أَرْبَعَةُ أَلْفَاظٍ: قَدْ اعْتَمَدْت عَلَيْك، وَعَوَّلْت عَلَيْك، وَوَكَلْت إلَيْك، وَأَسْنَدْت إلَيْك. فَلَا تَنْعَقِدُ الْوِلَايَةُ بِهَا حَتَّى تَقْتَرِنَ بِهَا قَرِينَةٌ، نَحْوُ قَوْلِهِ: فَاحْكُمْ فِيمَا وَكَلْت إلَيْك، وَانْظُرْ فِيمَا أَسْنَدْت إلَيْك، وَتَوَلَّ مَا عَوَّلْت فِيهِ عَلَيْك.

وَإِذَا صَحَّتْ الْوِلَايَةُ، وَكَانَتْ عَامَّةً، اسْتَفَادَ بِهَا النَّظَرَ فِي عَشْرَةِ أَشْيَاءَ: فَصْلُ الْخُصُومَات بَيْنَ الْمُتَنَازِعِينَ، وَاسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِمَّنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ، وَدَفْعُهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَالنَّظَرُ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالْمَجَانِينِ، وَالْحَجْرُ عَلَى مَنْ يَرَى الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ، وَالنَّظَرُ فِي الْوُقُوفِ، فِي عَمَلِهِ فِي حِفْظِ أُصُولِهَا، وَإِجْرَاءِ فُرُوعِهَا عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، وَتَزْوِيجُ الْأَيَامَى اللَّاتِي لَا أَوْلِيَاءَ لَهُنَّ، وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَالنَّظَرُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فِي عَمَلِهِ بِكَفِّ الْأَذَى عَنْ طُرُقَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَفْنِيَتِهِمْ، وَتَصَفُّحُ حَالِ شُهُودِهِ وَأُمَنَائِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>