للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٧٣٤) فَصْلٌ: وَلَا يَبْطُلُ الْإِذْنُ بِالْإِبَاقِ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ بِهِ وِلَايَةَ السَّيِّدِ عَنْهُ فِي التِّجَارَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا رَهْنُهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهُ. وَلَنَا، أَنَّ الْإِبَاقَ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْإِذْنِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، فَلَمْ يَمْنَعْ اسْتِدَامَتَهُ، كَمَا لَوْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ أَوْ حُبِسَ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ.

وَمَا ذَكَرُوهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّ سَبَبَ الْوِلَايَةِ بَاقٍ وَهُوَ الرِّقُّ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِجَارَتُهُ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَيَبْطُلُ بِالْمَغْصُوبِ.

[فَصْل الْمَأْذُون لَا يَتَبَرَّعُ بِهِبَةِ الدَّرَاهِم]

(٣٧٣٥) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ لِلْمَأْذُونِ التَّبَرُّعُ بِهِبَةِ الدَّرَاهِمِ، وَلَا كِسْوَةِ الثِّيَابِ. وَتَجُوزُ هِبَتُهُ الْمَأْكُولَ، وَإِعَارَةُ دَابَّتِهِ، وَاِتِّخَاذُ الدَّعْوَةِ، مَا لَمْ يَكُنْ إسْرَافًا.

وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمَالِ مَوْلَاهُ، فَلَمْ يَجُزْ، كَهِبَةِ دَرَاهِمِهِ. وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ. وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدَ، أَنَّهُ تَزَوَّجَ، فَحَضَرَ دَعْوَتَهُ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ مِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَأَبُو ذَرٍّ، فَأَمَّهُمْ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَبْدٌ. رَوَاهُ صَالِحٌ فِي مَسَائِلِهِ بِإِسْنَادِهِ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِهَذَا بَيْنَ التُّجَّارِ، فَجَازَ، كَمَا جَازَ لِلْمَرْأَةِ الصَّدَقَةُ بِكِسْرَةِ الْخُبْزِ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>