للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبُهَا، فَقَطَعَهَا مِنْ الْكُوعِ، لِئَلَّا تَسْرِيَ إلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ انْدَمَلَ جُرْحُهُ، فَعَلَى الْجَانِي الْقِصَاصُ فِي الْإِصْبَعِ، وَالْحُكُومَةُ فِيمَا تَآكَلَ مِنْ الْكَفِّ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا قَطَعَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِفِعْلِهِ. وَإِنْ لَمْ يَنْدَمِلْ، وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ، فَالْجَانِي شَرِيكُ نَفْسِهِ، فَيَحْتَمِلُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، إنَّمَا قَصَدَ بِهِ الْمَصْلَحَةَ، فَهُوَ عَمْدُ الْخَطَأِ، وَشَرِيكُ الْخَاطِئِ لَا قِصَاصِ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ.

وَإِنْ قَطَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَوْضِعَ الْأَكَلَةِ، نَظَرْت؛ فَإِنَّ قَطَعَ لَحْمًا مَيِّتًا، ثُمَّ سَرَتْ الْجِنَايَةُ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ سِرَايَةُ جُرْحِهِ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ فِي لَحْمٍ حَيٍّ، فَمَاتَ، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ قَطَعَهَا خَوْفًا مِنْ سِرَايَتهَا.

[فَصْلٌ قَطَعَ أُنْمُلَةً لَهَا طَرَفَانِ إحْدَاهُمَا زَائِدَةٌ وَالْأُخْرَى أَصْلِيَّةٌ]

(٦٧٤٣) فَصْلٌ: وَإِذَا قَطَعَ أُنْمُلَةً لَهَا طَرَفَانِ، إحْدَاهُمَا: زَائِدَةٌ وَالْأُخْرَى أَصْلِيَّةٌ، فَإِنْ كَانَتْ أُنْمُلَةُ الْقَاطِعِ ذَاتَ طَرَفَيْنِ أَيْضًا، أُخِذَتْ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ طَرَفَيْنِ. قُطِعَتْ، وَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ فِي الزَّائِدَةِ. وَإِنْ كَانَتْ الْمَقْطُوعَةُ ذَاتَ طَرَفٍ وَاحِدٍ، وَأُنْمُلَةُ الْقَاطِعِ ذَاتُ طَرَفَيْنِ، أُخِذَتْ بِهَا، فِي قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ، وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ؛ لَا قِصَاصَ فِيهَا، وَلَهُ دِيَةُ أُنْمُلَتِهِ. وَإِنْ ذَهَبَ الطَّرَفُ الزَّائِدُ، فَلَهُ الِاسْتِيفَاءُ. وَإِنْ قَالَ: أَنَا أَصْبِرُ حَتَّى يَذْهَبَ الزَّائِدُ ثُمَّ أَقْتَصُّ. فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ حَقُّهُ، فَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَعْجِيلِ اسْتِيفَائِهِ.

[فَصْلٌ قَطَعَ أُنْمُلَةَ رَجُلٍ الْعُلْيَا ثُمَّ قَطَعَ أُنْمُلَةَ آخَرَ الْوُسْطَى ثُمَّ قَطَعَ السُّفْلَى مِنْ ثَالِثٍ]

(٦٧٤٤) فَصْلٌ: وَلَوْ قَطَعَ أُنْمُلَةَ رَجُلٍ الْعُلْيَا، ثُمَّ قَطَعَ أُنْمُلَةَ آخَرَ الْوُسْطَى، ثُمَّ قَطَعَ السُّفْلَى مِنْ ثَالِثٍ، فَلِلْأَوَّلِ الْقِصَاصُ مِنْ الْعُلْيَا، ثُمَّ لِلثَّانِي أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْوُسْطَى، ثُمَّ لِلثَّالِثِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ السُّفْلَى، سَوَاءٌ جَاءُوا دَفْعَةً وَاحِدَةً، أَوْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعُلْيَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ فِي غَيْرِهَا حَالَ الْجِنَايَةِ، لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ، فَلَمْ يَجِبْ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُكَافِئٍ حَالَ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ صَارَ مُكَافِئًا بَعْدَهُ. وَلَنَا، أَنَّ تَعَذُّرَ الْقِصَاصِ لِاتِّصَالِ مَحَلِّهِ بِغَيْرِهِ لَا يَمْنَعُهُ إذَا زَالَ الِاتِّصَالُ، كَمَا لَوْ جَنَتْ الْحَامِلُ.

وَيُفَارِقُ عَدَمَ التَّكَافُؤِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ لِمَعْنًى فِيهِ، وَهَا هُنَا تَعَذَّرَ لِاتِّصَالِ غَيْرِهِ بِهِ. فَأَمَّا إنْ جَاءَ صَاحِبُ الْوُسْطَى أَوْ السُّفْلَى يَطْلُبُ الْقِصَاصَ قَبْلَ صَاحِبِ الْعُلْيَا، لَمْ يُعْطِهِ؛ لِأَنَّ فِي اسْتِيفَائِهِ إتْلَافَ أُنْمُلَةٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَقِيلَ لَهُمَا: إمَّا أَنْ تَصْبِرَا حَتَّى تَعْلَمَا مَا يَكُونُ مِنْ الْأَوَّلِ، فَإِنْ اقْتَصَّ فَلَكُمَا الْقِصَاصُ، وَإِنْ عَفَا فَلَا قِصَاصَ لَكُمَا، وَإِمَّا أَنْ تَرْضَيَا بِالْعَقْلِ. فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُ الْعُلْيَا فَاقْتَصَّ، فَلِلثَّانِي الِاقْتِصَاصُ، وَحُكْمُ الثَّالِثِ مَعَ الثَّانِي كَحُكْمِ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ عَفَا، فَلَهُمَا الْعَقْلُ، فَإِنْ قَالَا: نَحْنُ نَصْبِرُ وَنَنْظُرُ بِالْقِصَاصِ أَنْ تَسْقُطَ الْعُلْيَا بِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ، ثُمَّ نَقْتَصُّ. لَمْ يُمْنَعَا مِنْ ذَلِكَ. وَإِنْ قَطَعَ صَاحِبُ الْوُسْطَى الْوُسْطَى وَالْعُلْيَا، فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْعُلْيَا، تُدْفَعُ إلَى صَاحِبِ الْعُلْيَا.

وَإِنْ قَطَعَ الْإِصْبَعَ كُلَّهَا، فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْأُنْمُلَةِ الثَّالِثَةِ، وَعَلَيْهِ أَرْشُ

<<  <  ج: ص:  >  >>