[بَابُ ذِكْرِ الْحَجِّ وَدُخُولِ مَكَّةَ]
َ يُسْتَحَبُّ الِاغْتِسَالُ لِدُخُولِ مَكَّةَ؛ «لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ نَهَارًا، وَيَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِلْبُخَارِيِّ، «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ إذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ، أَمْسَكَ عَنْ التَّلْبِيَةِ، ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طُوًى، ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَيَغْتَسِلُ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ» .
وَلِأَنَّ مَكَّةَ مَجْمَعُ أَهْلِ النُّسُكِ، فَإِذَا قَصَدَهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ الِاغْتِسَالُ، كَالْخَارِجِ إلَى الْجُمُعَةِ. وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ وَقَدْ حَاضَتْ: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» . وَلِأَنَّ الْغُسْلَ يُرَادُ لِلتَّنْظِيفِ، وَهَذَا يَحْصُلُ مَعَ الْحَيْضِ، فَاسْتُحِبَّ لَهَا ذَلِكَ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَفَعَلَهُ عُرْوَةُ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ سُوَيْد.
[فَصْل يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ أَعْلَاهَا]
(٢٤٤٧) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ أَعْلَاهَا؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي بِالْبَطْحَاءِ، وَخَرَجَ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى» . وَرَوَتْ عَائِشَةُ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا جَاءَ مَكَّةَ دَخَلَ مِنْ أَعْلَاهَا، وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا؛ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ لَيْلًا وَنَهَارًا» . رَوَاهُمَا النَّسَائِيّ.
[مَسْأَلَة اسْتِحْبَابُ دُخُولَ الْمُحَرَّمَ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ]
(٢٤٤٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: أَبُو الْقَاسِمِ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَالِاسْتِحْبَابُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، فَإِذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَكَبَّرَ) إنَّمَا اُسْتُحِبَّ دُخُولُ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مِنْهُ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ، الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ مَكَّةَ ارْتِفَاعَ الضُّحَى، وَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ عِنْدَ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ» . وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.
وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى رَفْعَ الْيَدَيْنِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ الْمُهَاجِرِ الْمَكِّيِّ، قَالَ: سُئِلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ الرَّجُلِ يَرَى الْبَيْتَ، أَيَرْفَعُ يَدَيْهِ؟ قَالَ: مَا كُنْت أَظُنُّ أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا إلَّا الْيَهُودَ، حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ. رَوَاهُ النَّسَائِيّ.
وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ: افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، وَاسْتِقْبَالِ الْبَيْتِ، وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَعَلَى الْمَوْقِفَيْنِ وَالْجَمْرَتَيْنِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute